الحوثيون تحت الاستهداف.. من يقف خلف ذلك ولماذا؟.. الحلقة (4)
المساء برس – أصداء – السُعار الهستيري المجنون ضد انصار الله؛ من هي أطرافه وما هي أهدافه؟ الحلقة الثانية – الجزء الثاني – عبدالله سلام الحكيمي|
توقفنا في الحلقة السابقة عند “من هي أطراف السعار وما أهدافها؟” وتحدثنا عن النقطة الأولى وهي “تحالف العدوان العدوان السعودي الإماراتي” واليوم نكمل الحديث عن هذه الأطراف.
2) التجمع اليمني للاصلاح وحلفاؤه المذهبيون:
الطرف الرئيسي الثاني من أطراف السُعار الهستيري ضد أنصار الله كان حزب التجمع اليمني للاصلاح، وهو الواجهة السياسية المحلية العلنية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين السري، ومعه بعض القوى والجماعات ذات المنحى السلفي المذهبي التي جمعها بالإصلاح رغم التباينات فيما بينهم عداؤهم المشترك لأنصار الله!.
والواقع ان الإصلاح حتى إبان عمله الحزبي السري، لا يقبل بوجود أحزاب أو جماعات ذات مرجعية دينية ويبدي استعداده ليواجهها، ولو بالقوة، إن تهيأت له ظروف ممارستها، بحجة الحفاظ على وحدة الأداة التنظيمية للعمل الإسلامي في اليمن! ولقد أفزع الإصلاح وحلفاءه بروز وتنامي نشاط وفعالية جماعة الحوثيين وهم على غير توافق مذهبي معه بل يستندون في احدى مراجعهم الفكرية المؤسسة على فكر المذهب الزيدي الذي حكم اليمن مئات السنين، وراحوا بكل دأب ونشاط فكري فقهي فلسفي يحيون تراثه ويحققون وينشرون مراجعه ومؤلفات المخطوطة ويبنون عليها مناهج تعليمية متكاملة، في حين كان الإصلاح وحلفاؤه يعتقدون ان حملات طمس واجتثاث المذهب الزيدي التي نظمتها سلطات ما بعد ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢ وكان الإخوان المسلمون أداتها الفاعلة من خلال كتابة مناهج التعليم الديني وتأسيس ونشر (المعاهد العلمية) الدينية في عموم الساحة اليمنية (شمال اليمن) والسيطرة على منابر المساجد بدعم السلطات الحاكمة وتمويلها وحمايتها، وكان بروز وتنامي نشاط وحركة الحوثيين يعتبر بالنسبة لهم خطراً داهماً يهدد احتكارهم لساحة التمثيل الديني الأحادي من ناحية واضعاف دورهم ونفوذهم السياسي والشعبي.
كما استغلت السلطات الحاكمة بعض السلفيين ومولتهم ودربتهم وسلحتهم ووفرت لهم تسهيلات لوجستية في التنقل والعبور دون تفتيش في النقاط الأمنية “الج” واتخذوا من محافظة صعده مركزاً لهم وتوافد عليه المئات من الشباب بل ربما الآلاف من داخل اليمن ومن مختلف أنحاء العالم وكان بمثابة مركز عسكري وتعليمي معاً!.
وكان كل من الإصلاح والقوى السلفية تلك يرتبطون بتحالف وثيق بالسلطة قاتلوا معه ضد الجبهة الوطنية اليسارية التابعة للسلطة الحاكمة في الجنوب ثم قاتلوا بعد الوحدة وحرضوا ضد الحزب الاشتراكي اليمني الشريك الآخر في دولة الوحدة وشاركوا بفعالية بالسلاح والفتاوى الدينية التكفيرية ضده في حرب صيف ١٩٩٤!.
ولقد استفاد الإصلاح والسلفيون كثيراً من مشاركتهم مع السلطة الحاكمة في تكديس كميات هائلة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وفي تدريب عناصرهم عسكرياً ومراكمة ثروات مالية واستثمارية واسعة، إلى أن برز الخلاف بينها وبين السلطة الحاكمة، حليفة الأمس، وصولاً إلى ثورة فبراير ٢٠١١م التي أتت في سياق ما سمّي بثورات الربيع العربي، التي استطاع الإصلاح أن يجذب حوله قيادات أحزاب المعارضة (أحزاب اللقاء المشترك) ليركب موجة الثورة الشعبية تلك ويسيطر عليها ويتحكم بمساراتها بحكم كونه الأقوى تنظيماً وعسكرياً ومالياً وأحزاب المشترك تبعاً له لحاجتهم الى مدده وعونه.
كانت ثورات ما سمّي بالربيع العربي تحت الإدارة الخفية لدوائر الاستخبارات الأميركية وحلفائها الغربيين عبر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي كان مخططاً أن يمكن حكم الدول العربية في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد! على ان يكون الثمن الأهم تسليم كامل أرض فلسطين لليهود وترتيب وطن بديل للفلسطينيين في الأردن وسيناء!.
لكن هذا السيناريو انهار بسبب سوء إدارة الإخوان المسلمين للحكم واستعدائهم للكثر من القوى مما خلق حالة من تنامي التذمر والسخط الشعبي في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن! في هذه الأثناء كانت جماعة الحوثيين، (انصار الله) لاحقاً، ينتشرون ويتوسعون وتتنامى قوتهم ونفوذهم أفقيا ورأسياً وتمكنوا من إزاحة الإصلاح وحلفائه من السلفيين من موقع تصدر المشهد السياسي في اليمن وتجاوزوهم كثيراً، قوة وتنظيماً وشعبياً وعسكرياً ونفوذاً، خاصة بعد نجاحهم المدهش في توجيه ضربات قاصمة ماحقة للجماعات الإرهابية المتطرفة التكفيرية التي ترتبط بعلاقات عقائدية مذهبية وثيقة بالإصلاح والسلفية المسلحة!.
يتضح أن الإصلاح وحلفاءه المشار إليهم أعلاه يعتبرون أنصار الله نقيضاً معادياً رئيسياً لهم، وبديلاً سياسياً وحزبياً أكثر قوة وقدرة ونفوذاً وحنكة وحكمة منهم، تمكن بها من إزاحتهم إلى الصفوف الخلفية من النفوذ والتأثير والسطوة، وهو ما يفسر سُعارهم الهستيري المجنون والموتور ضد انصار الله!.
نكتفي بهذا القدر إلى هنا بأمل معاودة اللقاء غداً بمشيئة الله تعالى في الجزء الثالث والأخير للحلقة الثانية..