“المساء برس” يكشف خلايا الحاكم العسكري الإماراتي “السرّية”
المساء برس – تقرير خاص/ لم تمضِ سوى عشرة أيام على اغتيال إمام جامع الصحابة بعدن فهد اليونسي حتى وقعت عملية اغتيال جديدة ضحيتها هذه المرة إمام وخطيب مسجد سعد بن أبي وقاص “عادل الشهري” في مدينة إنماء السكنية في منطقة المنصورة بالمدينة.
وهذا ما يثير التساؤل عن الجهة التي تقف خلف استهداف رجال الدين في عدن والمحافظات الجنوبية عموماً وعمّا إذا كانت هذه الاغتيالات تستهدف السلفيين المعارضين للإمارات والمشروع الإماراتي جنوب اليمن.
معلومات تُكشف لأول مرة “الاغتيالات وخلايا الحاكم العسكري الإماراتي”
في أواخر سبتمبر الماضي كشفت مصادر لـ”المساء برس” عن علاقة منفذي عملية اغتيال الشيخ السلفي عبدالرحمن بن مرعي العدني بالقوات الإماراتية المتواجدة جنوب اليمن، وكيف تسلّم الحاكم العسكري الإماراتي القتلة وأرسلهم سراً إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي عبر طائرة عسكرية خاصة، ومن بعدها تم إخفاء ملف القضية من أواخر فبراير العام الماضي وحتى اليوم.
حاول “المساء برس” البحث أكثر عن مصير القتلة الذين تم نقلهم إلى الإمارات، لكن عدم تجاوب بعض الجهات الأمنية ذات الصلة بالحادثة ومحاولة تهربها من الإدلاء بأي معلومات تتعلق بالإجراءات المتخذة بحق منفذي عملية اغتيال الشيخ السلفي، قادنا إلى البحث أكثر حول عمليات الاغتيال التي تمت في عدن والمحافظات الجنوبية بعد أن دخلتها القوات الإماراتية أواخر العام 2015م.
وكانت النتيجة أن توصلنا إلى معلومات أكثر خطورة، تُكشف لأول مرة، منها ما يتعلق بخلايا استخبارية فرنسية كانت تعمل سرياً في عدن وخلايا أجنبية تنتمي إلى تنظيم “داعش” الإرهابي كانت تقاتل في صفوف التحالف ضد القوات التابعة لـ”أنصار الله” ومعلومات أخرى تتعلق بعمليات الاغتيال التي طالت عدداً من الضباط والقضاة وقيادات في المقاومة الجنوبية في عدن، وعلاقة كل ذلك بدولة الإمارات وقواتها المتواجدة جنوب اليمن.
“أبو سالم التعزي”
“أبو سالم التعزي” و”حلمي الزنجي” قياديان لا يُعرف إن كانا ينتميان إلى تنظيم “داعش” أو “القاعدة” لكن ما هو مؤكد أن علاقتهما بحزب الإصلاح وثيقة جداً أحدهم كان على اتصال مباشر بـ”نائف البكري” محافظ عدن السابق والمحسوب على حزب الإصلاح، وهو “أبو سالم” واسمه الحقيقي ” وائل سيف علي” وهو نجل الدكتور/ سيف علي مقبل أحد الاشتراكيين القدامى أما والدته فهي أكاديمية في الشأن الاقتصادي وناشطة في الحزب الاشتراكي أيضاً.
وفي الوقت الذي تقول فيه مصادر مقربة من الحراك الجنوبي الموالي للإمارات إن “التعزي والزنجي” هما من الشخصيات المتورطة بالأعمال الإرهابية والاغتيالات التي خطط لها الإصلاح، كشفت مصادر خاصة لـ”المساء برس” إن منطقة المنصورة بمحافظة عدن والتي كان “التعزي” يمارس فيها نشاطه الإرهابي، كانت أثناء الحرب التي دارت في عدن بين أنصار الله ومسلحي “المقاومة”، معقل الحراك الجنوبي داخل عدن، ولم يُعرف عنها من قبل احتضانها لعناصر من القاعدة، وحين تم إدماج فصائل الحراك ضمن المقاومة الجنوبية الموالية للإمارات تبيّن أن منطقة المنصورة كانت بؤرة لتنظيم القاعدة وأن “وائل سيف” هو من يقود عناصر التنظيم في المنطقة.
ووفقاً لمصادر “المساء برس” فقبل عام ونصف استلم الحاكم العسكري الإماراتي كل من “وائل سيف وحلمي الزنجي” بعد أشهر من العمل معه بشكل سرّي حيث كانت تربطهما علاقة قوية بالقيادة الإماراتية، وتضيف المصادر: “بعد أن تسلم الحاكم العسكري المجندان السريّان اختفى المجند الأول “وائل سيف” لفترة من الزمن ثم ظهر فجأة بشخصية جديدة ووجه جديد وبدأ المواطنون في “المنصورة” يتداولون الحديث عنه بأنه أمير تنظيم القاعدة في “إمارة المنصورة” وكنيته التي بات الجميع يناديه بها هي “أبو سالم التعزي”.
كما تكشف المصادر أن “الحاكم العسكري الإماراتي دعم أبو سالم بكميات كبيرة من السلاح بما فيها سلاح متوسط وذخائر من مختلف الأنواع، بالإضافة إلى دعمه بمبالغ كبيرة، وبعد أن ظهر أبو سالم في المنصورة مجدداً وظهرت عليه الأسلحة التي حصلت عليها والأموال والسيارات ومن ذلك الحين اختفى ملف الاغتيالات التي كانت قد طالت عدداً من الضباط والقضاة والقيادات المنتمية إلى المقاومة في مدينة المنصورة”.
أما زميل “التعزي” المدعو “حلمي الزنجي” فلم يعد يُعرف ما مصيره وهل قامت الإمارات بتصفيته بعد أن نفذ عمليات الاغتيال التي طُلبت منه أم لا؟ غير أن ما هو مؤكد أن آخر جهة عسكرية في عدن استلمت “الزنجي” هي القوات الإماراتية.
وإلى حد كبير تشبه قصة “أبو سالم التعزي” ومعه “حلمي الزنجي” قصة قتلة الشيخ أبو عبدالرحمن العدني الذين تم إلقاء القبض عليهم واستلمهم الحاكم العسكري الإماراتي وقام بنقلهم سرياً إلى أبو ظبي عبر طائرة عسكرية خاصة، ومن بعدها اختفى ملف اغتيال “العدني” حتى اليوم، غير أن أبو سالم التعزي لا يزال متواجداً في عدن على اعتبار أنه قائد جبهة المنصورة.
مصادر “المساء برس” أكدت أيضاً أن مهاجمة بعض المحسوبين على الحراك الجنوبي الموالي للإمارات لـ”أبو سالم التعزي” ووصفه بأنه الذراع العسكري لنائب “هادي” اللواء علي محسن الأحمر، مجرد تمويه للتغطية على الدور الذي يؤديه التعزي كمجنّد سرّي للقوات الإماراتية، كما تؤكد المصادر أن “التعزي صنعته الإمارات لاختراق حزب الإصلاح، وقبل ذلك – حين كان اسمه وائل سيف – استخدمته لتنفيذ عمليات الاغتيال التي طالت ضباط وقيادات في المقاومة بمنطقة المنصورة.
“إخفاء ملف قتلة محافظ عدن السابق”
رغم إعلان الأمن في عدن إلقاء القبض على قتلة محافظ عدن السابق، إلا أن ما كشفته مصادر “المساء برس” كان مخالفاً لكل ذلك، وتقول المصادر إن القوات الإماراتية في عدن هي من قامت بتصفية وإنهاء ملف قضية اغتيال محافظ عدن السابق “جعفر محمد سعد” والذي تم اغتياله بهدف إزاحته من عيدروس الزبيدي الذي تولى منصب المحافظ خلفاً لـ”جعفر”.
كما أشارت المصادر أن عمليات اغتيال محافظ عدن واغتيال “أحمد الإدريسي” سيطرت جماعات سلفية موالية للإمارات على مدينة المنصورة والمنطقة الحرة ونشرت مئات العناصر والمليشيات الموالية للقوات الإماراتية، مؤكدة في الوقت ذاته أن من بين من تم توزيعهم في تلك المناطق عناصر إرهابية تنتمي لتنظيم القاعدة وعلى ارتباط مباشر بقيادات كبيرة في التنظيم الإرهابي وأن حلقة الوصل بينهم وبين قيادات القاعدة في المحافظات الأخرى وقيادة القوات الإماراتية يتم عن هاشم السيد وأبو الليث اللحجي وهما قياديان يقاتلان في صفوف القوات الموالية لهادي في الحدود الجنوبية للسعودية.
المصادر أكدت أيضاً أن للحاكم العسكري الإماراتي علاقة مباشرة بجماعات مسلحة تنتمي لـ”داعش” كانت تقاتل في صفوف التحالف جنوب اليمن وتم نقلها إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيم داعش إلى جانب المعارضة المسلحة السورية المدعومة من السعودية وقطر.
كما أكدت المصادر أيضاً أن خلايا إرهابية من جنسيات أجنبية تنتمي لـ”داعش” كانت تعمل سرياً في اليمن ضمن أنشطة إرهابية بإشراف من ضباط إماراتيين وبتوجيهات من الحاكم العسكري الإماراتي، واختفت بشكل مفاجئ.
“خلية داعش الفرنسية”
في كذا كذا أعلنت الأجهزة الأمنية في عدن والتي كان قد تولى قيادتها شلال شايع، الكشف عن خلية إرهابية تعمل سرياً في عدن ويقودها شخص يحمل الجنسية الفرنسة وهو من أصول عربية، لكن حينها لم يتم الكشف عن أي تفاصيل أخرى وعن دورها والجهة التي تعمل لصالحها، واعتبر الوسط السياسي في عدن حينها أن هذا الخبر ليس صحيحاً، وأن الغرض من نشره تحسين صورة أداء الأجهزة الأمنية بعد أن تولى إدارتها شلال شايع المحسوب على الإمارات، وفي هذا الشأن حصل “المساء برس” على معلومات موثقة تكشف حقيقة الخلية الفرنسية ومصيرها، حيث تؤكد المعلومات صحة وجود “خلية داعش الفرنسية الصغيرة” يقودها شخص فرنسي إلى جانب شخصين إسبانيين وتم القبض على الخلية داخل شقة في “بلوك 12” بمدينة المنصورة.
المعلومات أكدت أيضاً أن الخلية كانت تعمل سرياً في عدن وبعلم القيادة العسكرية الإماراتية، وحين ألقى أمن عدن القبض عليها تدخل قائد القوات الإماراتية واستلم أعضاء الخلية وتم إخفاء ملفها تماماً حتى من أدراج الأمن التابعة لشلال شايع.
وفي حديث لـ”المساء برس” قال مصدر سياسي في عدن إن هناك شكوكاً أن تكون تلك الخلية هي عبارة عن مجموعة استخبارية تعمل لواحدة من الجهات الثلاث “الموساد الإسرائيلي، المخابرات الأمريكية، أو المخابرات البريطانية”، مشيرة أن تدخل قائد القوات الإماراتية في هذه القضية وإخفاءها تماماً وإخفاء من تم القبض عليهم، مثّل دليلاً على علاقة الإمارات بالمجموعات الإرهابية الأجنبية المتواجدة جنوب اليمن والتي تقف خلف عمليات التخطيط والترتيب لكل عمليات الاغتيال والتصفيات التي وقعت في المحافظات الجنوبية.
“قيادة محور الريان”
وفي حضرموت كشفت مصادر خاصة لـ”المساء برس” عن وجود تنسيق غير معلن بين جماعات تنتمي لتنظيم القاعدة المتواجد في حضرموت وبين قيادات عسكرية إماراتية، بعضها موجود في عدن وبعضها موجود في مقر قيادة القوات الإماراتية في مطار الريان الذي تستخدمه القوات الإماراتية حالياً كمقر رئيسي لقواتها والذي بات يطلقه عليه “قيادة محور الريان الإماراتي” حيث يتم من خلاله إدارة الفرق العسكرية الإماارتية المتواجدة في المنشئات النفطية والغازية في شبوة وحضرموت.
كما كشفت المصادر التي رفضت كشف هويتها أن ملف الإرهاب في اليمن تستخدمه كل من الإمارات والولايات المتحدة للتوظيف السياسي وذريعة لإبقاء تواجدها في اليمن، كاشفة أيضاً عن تلقي القوات العسكرية في حضرموت على رأسها المنطقتين العسكريتين الأولى والثانية أوامر وتوجيهات من قيادة محور الريان بعدم تنفيذ أي عملية عسكرية لضرب مواقع وجيوب تنظيم القاعدة.
وأضافت المصادر أن هذه التوجيهات أتت قبل البدء بتنفيذ القوات اليمنية لعملية عسكرية كانت تستهدف تنظيم القاعدة في وادي المسيني بوادي حجر شرق مدينة المكلا، وتم إحباط الهجوم على القاعدة وإلغاء كل الخطط التي كان قد تم إعدادها.
وأشارت المصادر أيضاً إلى أن رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر هدف من خلال زيارته الأخيرة إلى حضرموت الاطلاع على الملف الأمني وتنظيم القاعدة في المحافظة وحجم نشاطه وحجم الاتصالات بين قيادات التنظيم في المحافظة والقوات الإماراتية المتواجدة في محور الريان، مشيرة أن الزيارة خرجت بتشكيل لجنة أمنية وعسكرية تهدف للقضاء على تنظيم القاعدة في حضرموت وشبوة برئاسة بن دغر وعضوية نائب وزير الداخلية ومحافظ حضرموت ومحافظ شبوة ونائب رئيس هيئة الأركان العامة.
“تقرير لجنة العقوبات الدولية”
في التقرير الذي تتكتم عليه أكثر من دولة من أعضاء مجلس الأمن، أكدت مصادر عاملة في مكتب الأمم المتحدة في الأردن أن المعلومات التي أوردناها في سياق هذا التقرير، تؤكدها معلومات أخرى وردت في تقرير لجنة العقوبات الدولية على اليمن.
وقالت المصادر في حديث خاص لـ”المساء برس” إن فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية على اليمن كشف عن تورط السعودية والإمارات بتمويل الجماعات الإرهابية جنوب اليمن بالأسلحة والأموال وأنها توكل إليها مهام اغتيالات وسرقات وعمليات اختطاف واستهداف للمدنيين.
وأضافت المصادر أن التقرير تضمن معلومات عن وجود مجموعات متطرفة جديدة تنتمي لـ”القاعدة” و”داعش” يديرها شخص يدعى “أبو العباس صفوان التعزي” وأنها تتنقل ما بين تعز وعدن، وتحصل على دعم وتمويل مباشر من الإمارات، ومن مهامها ارتكاب جرائم القتل بشكل علني وانتهاكات بحق المدنيين بحجة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى قيامها باعتقال العديد من الناشطين والسياسيين بتهم الإلحاد والعلمانية.
“هاني بن بريك والإشراف المباشر على عمليات الاغتيال”
منذ أن دخلت الإمارات مدينة عدن بدأ القيادي السلفي الموالي لها هاني بن بريك بالحديث والتحريض على أئمة المساجد بحجة أنها تنتمي لحزب الإصلاح وبحجة أن الحزب يتبنى الفكر التكفيري، ورصد “المساء برس” منشورات لـ”بن بريك” أواخر العام الماضي في صفحته على تويتر قال في بعضها “الحكومة ممثلة بوزارة الأوقاف إن لم تقف بقوة لتجريد المساجد من تبعية الأحزاب ومن التكفيريين والتفجيريين فسيستمر التفريخ لهؤلاء دام الفقاسة شغالة”، وفي منشور آخر قال: “بؤر المفجرين الانتحاريين هي المساجد الحاضنة لفكرهم ومن المؤسف أن نجد من يقف ضد تطهير المساجد من دعاة هذا الفكر الإجرامي فلا بد من وقفة حزم صارمة”.
وأكثر من ذلك ما أكدته مصادر خاصة في عدن وفي حضرموت تطابقت في معلوماتها التي أكدت أن “هاني بن بريك” هو من يقف خلف عمليات الاغتيال التي تطال شخصيات دينية سلفية وأخرى حزبية إصلاحية، وأن الإمارات أوكلت لـ”بن بريك” السيطرة على المساجد واستبدال أئمتها وخطبائها بآخرين موالين للإمارات، مشيرة أن هذه المهام أوكلت بشكل مباشر لعبدالرحمن الوالي الذي تم تعيينه مديراً للأوقاف من قبل عيدروس الزبيدي محافظ عدن حينها، مؤكدة في الوقت ذاته أن “الوالي” يقوم بتعيين شخص آخر موالي للإمارات بديلاً لكل من يتم اغتيالهم من أئمة وخطباء مساجد عدن.