في حوار لـ”المساء برس” الكشف عن أسباب انهيار العملة والتحالف يخذل هادي
المساء برس – تقرير خاص/ الأربعاء الماضي وصلت دفعة من الأموال المطبوعة في روسيا كميزانية لمرتبات الجيش والأمن في كافة المحافظات، وحسب ما نقلته مصادر صحفية فإن الدفعة الأخيرة من الأموال وصلت على متن أربع حاويات إلى ميناء الزيت بمحافظة عدن جنوب اليمن، ثم تم نقلها بمعية حراسة مشددة إلى مبنى البنك المركزي.
ويوم أمس كشفت مصادر خاصة في عدن أن محافظ البنك المركزي منصر القعيطي وجه بصرف راتبه وراتب نائبه عباس الباشا لمدة 8 أشهر والبالغة (285) مليون ريال، كما أضافت المصادر في تصريح خاص لـ”المساء برس” أنه إلى جانب الرواتب فإن المكافئات المصروفة للقعيطي ونائبه الباشا بلغت 25 مليون وتسعمائة وأربعين ألف ريال.
وقالت المصادر أن تلك المبالغ صُرفت من قبل شقيق محافظ البنك “حسين القعيطي” والذي تم تعيينه قبل أشهر كموظف في البنك.
كما كشفت المصادر أيضاً أن كل من القعيطي ونائبه لا يزالان يستلمان رواتبهما من صنعاء من بنك التسليف الزراعي مع العلاوات، مضيفة أن إجمالي ما يستلماه من بنك التسليف كرواتب وعلاوات تبلغ مليون وثمانمائة ألف ريال شهرياً.
وفي خبر نشرته وكالة “سبأ” التابعة لحكومة هادي، فقد التقى احمد عبيد بن دغر رئيس الحكومة الموالية للرياض برئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني محمد حلبوب يوم أمس الخميس ويأتي هذا الاجتماع بعد يوم واحد من وصول دفعة الأموال المطبوعة في روسيا إلى عدن.
وفي هذا السياق كشف الخبير في الشأن الاقتصادي والصحفي المتخصص في الاقتصاد رشيد الحداد في حديث خاص لـ”المساء برس”، كشف أن فرع البنك المركزي في عدن قد خرج عن سيطرة حكومة هادي.
وقال “الحداد” إن لقاء بن دغر برئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني محمد حلبوب وليس بمجلس إدارة البنك المركزي اليمني يؤكد خروج فرع البنك المركزي عن سيطرة حكومته من ناحية وأن هذه الحكومة تعتمد على البنك الأهلي في الكثير من عملياتها المالية من ناحية ثانية، سيما وان حكومة بن دغر لديها أكثر من حساب جاري غير قابل للرقابة في البنك الأهلى.
وفيما يتعلق بالاتهامات التي وجهها بن دغر وحلبوب لجماعة أنصار الله والتي قالو فيها إنهم السبب في تدهور سعر صرف العملة المحلية، قال الصحفي الاقتصادي إن هذه الاتهامات تكشف عن عجز ووهن حكومة هادي في القيام بدورها في الحد من تدهور سعر صرف الريال اليمني امام العملات الاجنبية من جانب، “على الرغم من أن البنك المركزي اليمني في صنعاء أستطاع في ظل الحرب والحصار الحفاظ على سعر مقبول للريال اليمني مقابل الدولار”.
وأضاف الحداد “فالريال اليمني الذي فقد حتى اليوم مايزيد عن 77,5 % من قيمته الشرائية أمام الدولار منذ أواخر مارس 2015م نتيجة الحرب والحصار، إلا أنه بقي متماسكاً خلال العام الاول للحرب ولم يسجل الدولار ارتفاعاً كبيراً، بل بلغت الزيادة في سعر صرف الدولار 16,3% حتى مارس 2016م وذلك بسبب الإجراءات الرقابية التي اتخذها البنك المركزي في صنعاء والتي حالت دون تدهور سعر العملة بالاضافة إلى أن الهدنه الاقتصادية التي أبرمت بين قيادة البنك المركزي اليمني بصنعاء وحكومة المهندس خالد بحاح السابقة ساهمت في الاستقرار نسبياً، ولذلك تعمد بن دغر وحكومته بتأييد سعودي إماراتي نقل البنك وتعطيل وظائفة بصنعاء وانقلب على الهدنه الاقتصادية بهدف السيطرة على كافة موارد الدولة في المناطق الجنوبية والشرقية الخارجة عن سيطرة انصار الله، كما سيطر على 400 مليار ريال طبعت في روسيا وسخرها للانفاق العسكري ولم يصرف رواتب موظفي الدولة في الجنوب ولا في الشمال”.
ولفت الخبير في الشأن الاقتصادي أن حكومة هادي تمعن في ضرب الاستقرار المعيشي للمواطن، حيث “تعمدت استهداف القيمة الشرائية للعملة الوطنية دون ادراك لمخاطر تلك الممارسات الاجرامية التي تتهدد حياة ابناء اليمن في الجنوب قبل الشمال”.
كما كشف الحداد أن حكومة هادي أقدمت خلال الأشهر الماضية من العام الجاري على سحب كميات كبيرة من العملة الصعبة من صنعاء إلى عدن “التي تعاني بنوكها من ازمة حادة في الدولار منذ قيام حكومة هادي”، كما قامت أيضاً “ببيع الاحتياطات النقدية الاجنبية لفرع البنك المركزي بعدن وإحتياطات البنك الاهلى بالمزاد العلني وبسعر السوق السوداء بعد أيام من صدور قر ار نقل البنك المركزي”، مضيفاً بالقول: “ولذلك فإن مايحدث من تلاعب في اسعار العملة سببه الاول والاخير حكومة هادي وبصفة شخصية بن دغر”.
ومن ما كشفه الصحفي الاقتصادي “رشيد الحداد” ما سبق أن تحدث به رئيس الحكومة السابق خالد بحاح من أن حكومة هادي قامت خلال الأشهر الماضية بإنفاق مليار دولار بصورة غامضة وأن معظمها هي قيمة مبيعات نفط المسيلة، وقال الحداد: “لم يعترف بن دغر بفشله في تنفيذ قرار البنك المركزي، على الرغم من أعلانه في منتصف يوليو أستئناف البنك لنشاطه في فتح الاعتمادات المستندية للتجار وتغطية الواردات الاساسية بالدولار بعد ان رفعت وزارة الخزينه الامريكية الحضر على احتياطات البنك المركزي اليمني، ومنحت حكومة الفار هادي “السويفت”، بل عمدت حكومة هادي على إنفاق ما يقارب المليار دولار خلال الأشهر الماضية بصورة غامضة منها 700 مليون دولار قيمة مبيعات شحنات نفط المسيلة، وقرابة 300 مليون دولار تم سحبها من الإحتياطي النقدي الاجنبي للبنك المركزي في الخارج منذ منتصف يوليو الماضي”.
وأضاف الحداد أنه وعلى الرغم من اعتراف حكومة هادي بفشلها في إدارة فرع البنك المركزي في عدن منذ أكثر من عام، “إلا أنها تكابر وتحاول الهروب والتهرب من تحمل مسئوليتها تجاه مايتعرض له الريال اليمني من انهيار متسارع، فالبنك المركزي في عدن يدار عن بعد وعبر الواتس آب ومن العاصمة الاردنية عمان من قبل رئيس البنك المعين من قبل هادي منصر القعيطي ولذات السبب بلغ معدل تدهور القيمة الشرائية للريال اليمني منذ صدور قرار نقل البنك وتعطيلة بلغت بلغت 61,2%، مقابل تدهور لم يتجاوز الـ17% في عهد اللجنة الثورية العليا”.
وأكد أيضاً أن حكومة هادي تفتقر لسياسة مالية ونقدية “أصلاً” ولا تمتلك أي رؤية، كاشفاً عن أن دول التحالف التي تقودها السعودية ضد اليمن “والتي أنفقت ما يزيد عن نصف تريليون دولار على فاتورة حربها في اليمن بذريعة إعادة شرعية هادي” رفضت حتى الآن تقديم أي وديعة مالية لحكومة هادي لوقف تدهور سعر صرف الريال اليمني وتقف وراء عملية سحب العملة وتدمير الاقتصاد اليمني منذ عامين ونصف، مضيفاً أن “على حكومة بن دغر أن تسئل نفسها حتى للحظة واحدة عن أسباب امتناع حكومتي الرياض وابو ظبي عن دعم استقرار الريال اليمني ودعم نفوذها في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها على الاقل مقارنه بانفاق تلك الدول عشرات المليارات على الحرب في اليمن”.
وقال رشيد إن البنك المركزي فرع عدن قام أمس الأول بتحديد سعر العملة الوطنية بـ280 ريال مقابل الدولار الواحد بعد أن أقر تعويم العملة وتحريرها بشكل كامل وبعد أن كان البنك هو من يقوم بتحديد سعر صرف العملة ويعمل على الحفاظ على سعرها بواسطة الأدوات الرقابية التي يمتلكها بموجب قانون البنك، معتبراً أن عودة البنك فرع عدن تحديد سعر العملة من جديد يؤكد أن البنك يدار بالعشوائية المفرطة ولايتملك أي رؤية لادارة الوضع المالي.
وأضاف إن البنك الذي “اعترف بفشله في التحكم باسعار صرف الريال” أقر التعويم الحر منتصف يوليو، “والتعويم الحر يعد إعلاناً رسمياً بفقدان البنك لأهم وظائفة في حماية العملة الوطنية والرقابة على الأسواق والتدخل لحماية سعر العملة في حال اهتراز استقرار السوق”، مشيراً أنه وعلى الرغم من أن البنك أعلن الانتقال من التعويم المدار إلى التعويم الحر – وهو ما يعني أن البنك المركزي لا يتدخل في تحديد سعر الصرف وبالتالي يبقى سعر الصرف خاضعاً لقواعد السوق – إلا أنه عاد مرة أخرى لتحديد سعر الصرف بـ280 ريال، مضيفاً أن هذا يعني “أن البنك عاد إلى ماقبل قرار التعويم الحر، فقرار تحديد السعر مرة أخرى بعد التعويم يكشف كيف تُدار الاوضاع المالية من قبل البنك المفترض، ويلزم البنك المركزي بحماية العملة والتدخل في سوق الصرف وتشديد الرقابة على السوق وضخ مئات الملايين من الدولارات لإعادة استقرار الريال اليمني، ولذلك تتحمل حكومه هادي كافة المسئولية عن تدهور سعر صرف الريال اليمني”.
“خلفية عن الوضع المالي لليمن منذ بداية الحرب وحتى اليوم”
مضى شهران على قرار حكومة هادي الأخير بشأن العملة اليمنية والذي قضى بتعويم سعر الصرف مقابل العملات الأجنبية، في الوقت نفسه وصف اقتصاديون القرار الذي أصدره البنك المركزي في عدن برئاسة منصر القعيطي المدير المعين من قبل الرئيس المنتهية ولايته وصف الاقتصاديون هذا القرار بالكارثي الذي لن يقود إلا إلى المزيد من تدهور لقيمة العملة المحلية أمام الدولار في ظل استمرار حكومة هادي في الفشل الاقتصادي وعدم قدرتها على التحكم بالدورة المالية في السوق اليمنية بعد أن قامت بنقل البنك المركزي في أغسطس 2016 وهو الأمر الذي لا يزال يرفضه حتى اليوم كل من البنك الدولي وصندوق النقد.
ومنذ أن اتخذت السعودية والولايات المتحدة قراراً بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن كورقة ضغط على الأطراف السياسية في صنعاء (أنصار الله والمؤتمر) توقفت عملية صرف رواتب الموظفين في كافة المحافظات، رغم التزام الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بصرف كافة رواتب الموظفين في كافة المحافظات اليمنية.
قبل ذلك استطاعت إدارة البنك المركزي في صنعاء الحفاظ على استقرار سعر الحملة المحلية أمام العمليات الأجنبية ومنذ بداية الحرب التي شنتها السعودية التي تقود تحالفاً من 17 دولة ضد اليمن لم تشهد أسعار صرف العملة المحلية انهياراً كبيراً وظلت العملة محافظة على استقرار قيمتها مقابل الدولار تحديداً.
ويعود هذا الاستقرار إلى التزام سلطات صنعاء بالهدنة الاقتصادية التي اتفق عليها الطرفان في صنعاء وعدن ممثلين بسلطة “اللجنة الثورية” التابعة لأنصار الله في صنعاء وحكومة خالد محفوظ بحاح الموالية للتحالف السعودي ومنذ مارس 2015م وحتى مارس 2016 بلغت نسبة الزيادة في سعر العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي 16.3% فقط، وكان حينها الدولار يساوي بالريال اليمني 250 ريال فقط.
في أغسطس 2016 انهارت الهدنة الاقتصادية بسبب قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وأدى قرار نقل البنك إلى تدهور حاد في القيمة الشرائية للعملة بلغت ما بنسبته 61.2 % خلال عام، ليصبح إجمالي ما فقدته العملة اليمنية من قيمتها منذ بداية الحرب حتى أغسطس 2017 ما نسبته 77.5%.
وحتى أغسطس الماضي من هذا العام كان سعر العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي ما بين (350 إلى 360) ريال للدولار الواحد، وبعد قرار محافظ البنك المركزي في عدن منصر القعيطي الموالي لحكومة هادي بتعويم سعر صرف العملة المحلية ازداد الريال اليمني في الانهيار يوماً بعد آخر حتى وصل سعر الريال اليمني اليوم مقابل الدولار الـ400 ريال.
اشترك بقناة التليجرام ليصلك كل جديد