حراك مأرب ما علاقته ببلحاف و”Y.N.L.G” وتوتال والصفقة الموقعة في أبوظبي؟
المساء برس – تقرير خاص/ لا تبدو احتجاجات مأرب طبيعية واعتيادية ومثلها مثل أي حراك يطالب بإقالة الفاسدين حسبما يُروج له الناشطون في المحافظة.
هذه الاحتجاجات التي تصاعدت بشكل مفاجئ وبدون أي مقدمات أثارت الشكوك حول الجهة التي تقف خلفها والمصلحة من تحريكها وتصعيدها في هذا التوقيت بالذات، ودفعت الشارع اليمني إلى التساؤل عمّا يدور خلف كواليس حراك القبائل في مأرب ضد الإصلاح.
صحيح أن حزب الإصلاح يستحوذ على ما يقارب الـ80% من المناصب في حكومة هادي ومثلها من المناصب في محافظة مأرب لكن هذا الاستحواذ ليس وليد اليوم وهذا الوضع قائم في مأرب وحكومة هادي بشكل عام منذ عامين ونصف.. فما الذي تغير الآن وهل لذلك علاقة بحسابات إقليمية جرى التوافق عليها مسبقاً؟
“خلف كواليس حراك مأرب”
في هذا الصدد حصل “المساء برس” على معلومات تؤكد أن أحداث مأرب الأخيرة المتمثلة بالمظاهرة القبلية للمطالبة بإقالة مدير الأمن الجديد، بذريعة انتمائه “الهاشمي” من جهة ولكونه من خارج المحافظة من جهة ثانية، والتي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من أبناء القبائل ورجال الأمن، بالإضافة إلى الدعوات المتزايدة للناشطين من أبناء المحافظة والمطالبة بتشكيل “النخبة المأربية” والحديث عن مظلومية أبناء مأرب وحرمانهم من الثروة التي تكتنزها محافظتهم، كل ذلك وفقاً للمعلومات الواردة تقف خلفها تطورات جديدة طرأت مؤخراً على ميناء بلحاف جنوب محافظة شبوة، أكبر الموانئ اليمنية لتصدير الغاز المسال.
“بلحاف.. منطقة عسكرية بحماية المارينز”
وحصل “المساء برس” من مصادر عمّالية في ميناء بلحاف على معلومات تؤكد أن الحراك الذي ظهر فجأة في مأرب أتى بعد الانتهاء من عملية عسكرية نفذتها القوات الخاصة الإماراتية وبمشاركة واسعة من وحدات عسكرية أمريكية تتبع كتيبة المشاة المعروفة بقوات “المارينز” في منطقة “الواحدي” بمحافظة شبوة استهدفت عناصر تنظيم القاعدة، وتضيف المصادر “بعد ذلك مباشرة اتجهت هذه الوحدات العسكرية الإماراتية والأمريكية إلى ميناء بلحاف، والآن هذه القوات تتواجد هنا في الميناء وعملت على تحويله إلى منطقة عسكرية إماراتية خاصة ومغلقة”.
“الخطوط الحمراء أمام النخبة الشبوانية”
ناشطون من أبناء منطقة “الواحدي” سبق أن تساءلوا عن سبب عدم وصول النخبة الشبوانية إلى معظم هذه المناطق، لافتين إلى أن تحرك هذه القوات في هذه المناطق شبه معدوم لأسباب مجهولة وغامضة.
عبدالرب الواحدي قال لـ”المساء برس” إن تحركات النخبة الشبوانية في المحافظة تثير الشكوك حول طبيعة الأهداف الحقيقية من إنشائها “فهي لم تشارك في عدة عمليات عسكرية ضد عناصر القاعدة المنتشر في المحافظة من بين هذه المناطق الواحدي، التي لم تدخلها النخبة وتظهر فيها بقوة كما فعلت في باقي مديريات المحافظة، هذا يؤكد أن هناك من يحرك النخبة الشبوانية كيفما يشاء وأينما يشاء ويمنع تواجدها في مناطق معينة وفق استراتيجية غامضة نجهلها”.
“مصادر بحكومة هادي: الإمارات تريد الوصول إلى هذه المناطق”
إلى ذلك قالت مصادر مقربة من حكومة المنفى الموالية للسعودية أن دولة الإمارات تعمل حالياً على استكمال السيطرة على مناطق وسط اليمن في كل من محافظتي شبوة ومأرب تتواجد فيها منابع النفط والغاز والأنابيب الممتدة من حقول مأرب حتى ميناء بلحاف.
وقالت المصادر في حديث خاص لـ”المساء برس” تعليقاً على أحداث مأرب الأخيرة “أنها محاولة من الإمارات لاستنساخ تجربة النخبة الشبوانية والنخبة الحضرمية وتطبيقها في مأرب والهدف من وراء هذا كله هو السيطرة على الاحتياطي النفطي في المناطق الشرقية الشمالية وما تبعها من مناطق حريب ووادي جنة والتي تتصل بالمناطق الشمالية الشرقية لمحافظة شبوة والسيطرة على خط تمرير أنبوب الغاز المسال الذي تشغله من صافر الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال (Y.N.L.G).
“صفقة الغاز التي تم توقعيها في أبوظبي”
المصادر أكدت أيضاً أن جهة في حكومة هادي يعتقد أنها الشركة اليمنية للغاز المسال وقعت قبل دخول القوات الإماراتية إلى شبوة صفقة لبيع الغاز المسال مع شركة توتال الفرنسية التي تتولى إدارة ميناء بلحاف، وأشارت المصادر أن التوقيع تم في العاصمة الإماراتية أبوظبي وبنفس السعر القديم الذي كانت الشركة تبيعه في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
“الإمارات والطريق إلى غاز مأرب”
هذه المعلومات تؤكد أن الإمارات هي من ستستفيد من الغاز اليمني بسعر بخس يكبد الاقتصاد اليمني خسائر فادحة ويستنزف ثروته الغازية دون أن يستفيد الشعب من هذه الثروة، كما تؤكد هذه المعلومات أيضاً صحة ما سبق وكشفه “المساء برس” قبل يومين في تحقيق خاص تحت عنوان “معلومات خطيرة تكشف التحركات الإماراتية للسيطرة على غاز مأرب” حيث ورد في التقرير أن أبوظبي لم تكتفِ بالسيطرة على عدن وحضرموت وشبوة وباقي المحافظات الجنوبية، وأن السيطرة والتمدد في هذه المحافظات لم يكن إلا على هامش ما تسعى الإمارات لتحقيقه من هدف رئيسي وهو السيطرة على مأرب موطن ثاني أكبر حوض غازي في الشرق الأوسط، وأن الحراك الحاصل هذه الأيام في مأرب تقف خلفه الإمارات عبر ضباطها المتواجدين في معسكر تداوين بالمحافظة، والذين يدعمون مجموعة من القبائل المأربية لاجتثاث القيادات الموالية لحكومة هادي والذين يعتبر غالبيتهم العظمى من الموالين والمنتمين لحزب الإصلاح.
“بالسيطرة على غاز اليمن تستطيع الإمارات ضرب قطر”
وأضاف التقرير إن السيطرة على منابع الغاز المسال في مأرب تمثل بالنسبة للإمارات أهمية كبرى واستراتيجية خاصة وبعيدة المدى، بعد أزمتها مع قطر التي تشتري منها الغاز المسال بنسبة 25% مما تحتاجه الإمارات من هذه المادة، ولهذا ولضرورة استمرار قطع العلاقات مع قطر نهائياً وضربها اقتصادياً فإن البديل الوحيد لغاز قطر هو غاز مأرب الذي سيكون بالنسبة للإمارات أقل كلفة من ذلك الذي تشتريه من قطر.
ولعل هذه الفقرة الأخيرة هي ما تفسر سبب توقيع صفقة بيع الغاز المسال مع شركة توتال الفرنسية في أبوظبي بدلاً من توقيعها في مأرب بمقر الشركة أو الرياض مقر القيادة اليمنية الموالية للتحالف والمعنية بالأمر.
وبما أن ميناء بلحاف بات الآن تحت السيطرة الإماراتية كلياً والسيطرة العسكرية لقوات المارينز الأمريكية والتي حولته إلى منطقة عسكرية مغلقة، فلم يبقَ أمام الإمارات للانقضاض على غاز مأرب إلا السيطرة على منابع استخراجه في مأرب حتى تتمكن من التحكم بمحابس الأنابيب الممتدة إلى الميناء.