لقاء “13 أيلول”.. الحوثي وصالح وجهاً لوجه.. وماذا بعد؟!
المساء برس – تحليل خاص/ العاصمة اليمنية “صنعاء”، صباح الأربعاء، 13 أيلول 2017، يوم لن يكون ما بعده كما قبله، وجهاً لوجه ولأكثر من ساعتين اتفق زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي ورئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح على تفاصيل الشراكة وإنهاء الموقف المتأزم ووقف التصعيد الإعلامي بين الطرفين وتفاصيل أخرى لم تُكشف حتى اللحظة.
ووسط حديث هنا وهناك لا تزال الالتزامات التي قيل إنه جرى الاتفاق عليها وجدولتها لتنفيذها من قبل الطرفين، لا تزال طي الكتمان، وتصريحات المسؤولين في الصف الأول من قيادات الطرفين “أنصار الله والمؤتمر” تضمنت خطوطاً عامة ولم تشر إلى تفاصيل دقيقة بما جرى الاتفاق عليه، غير أن المتفق عليه هو أن هذا الاتفاق الذي كان “وجهاً لوجه” بين الحوثي وصالح سيمثل نقطة فارقة في تاريخ الشراكة بين الطرفين.
ويمكن القول إن الاتفاق اليوم يعتبر اتفاقاً على تنفيذ إجراءات قانون الطوارئ ولكن من دون إعلان الحالة رسمياً، وذلك بالنظر إلى ما يتم تسريبه هنا وهناك، بل يمكن التأكد من ذلك من خلال ما صرح به المتحدث باسم حركة أنصار الله محمد عبدالسلام حيث قال عبر فيس بوك أتى لإرساء مبدأ الحوار والتفاهم لإنهاء الإشكالات ودعم الجبهات وتعزيز الشراكة، وبالتأكيد فإن اتفاق الطرفين على هذه الخطوط العريضة وبشكل أزيحت فيه كل الحواجز السياسية واتسم بالشفافية المطلقة والوضوح، فسيصبح كلا طرف ملتزماً أمام الآخر بعدم التنصل عنها، وأي اختراق أو تلاعب قد يبديه أي طرف سيلاقي إجراءات قاسية من واقع الالتزام والاتفاق المباشر الذي تم وجهاً لوجه.
ومما لا شك فيه فإن لقاء “13 أيول” لن يخلو من فتح ملفات كانت سرّية للغاية وبمثابة ورقة بيد أحد الأطراف للضغط على الآخر، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن استمرار إعلان الإضراب من قبل النقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية لن يقف أمامه الحوثيون كونه إجراء نقابي بعيد عن السياسة، بل سيكون التعامل معه، بعد لقاء اليوم، على أنه خرق للاتفاق من قبل حزب المؤتمر ورئيسه صالح كون النقابة وقيادتها محسوبة على المؤتمر منذ نشأتها، وبالمثل سيكون التعامل مع أي جهة أو كيانات أو أشخاص سواء في المؤسسات الرسمية أو الكيانات السياسية الحزبية، على هذا الاعتبار، ولن يستطيع صالح التنصل من المسؤولية عمّا يقوله أو يتخذه أي شخص محسوب على المؤتمر ومهما كانت مكانته الوظيفية في الجهاز الإداري للدولة.
بعد هذا اللقاء سيكون من الصعب على رئيس المؤتمر الاستمرار في اللعب بورقة شركة النفط، وخفايا شركة النفط وأسعار المشتقات النفطية التي يتم استغلالها للضغط على أنصار الله، كما سيكون من الصعب أيضاً استمرار استخدام فزاعة صندوق النظافة والتهديد بإيقافه في كل مرة يحاول فيها أنصار الله فتح ملف إيرادات زكاة كبار المكلفين وتوريدها للبنك المركزي.
بعد لقاء اليوم لن يكون مقبولاً من صالح أن يوجه خطابين متناقضين في وقت واحد أحدهما للداخل والثاني للخارج، فيقول للداخل أنه من يتحكم بكل شيء وهو من يقدم التضحيات في الجبهات وهو من يمكنه بإشارة واحدة حشد قوات الحرس إلى الجبهات من عدمه، مع العلم أنها لا تزال في البيوت، ويقول في خطابه الموجه للخارج أن أنصار الله هم من يحكمون البلاد وهم من يتحكمون بكل صغيرة وكبيرة وهو خارج اللعبة تماماً ولا علاقة له بمحاربة السعودية داخل حدودها ولا علاقة له باستهداف القوات الإماراتية في الأراضي اليمنية.
وبعد لقاء اليوم لن يكون مقبولاً أبداً من عناصر حزب المؤتمر الحديث عن هنا وهناك أن الحوثيين جاؤوا لإسقاط الجمهورية وإعادة حكم الأئمة، كما لن يكون من المقبول أن يوجه أي مسؤول منتمي لحزب المؤتمر الاتهام للحوثيين بنهب المال العام أو ممارسات فساد إداري دون تقديم ما يثبت ذلك، فبعد لقاء اليوم سيكون التعامل مع مثل هذه الأمور بشكل مختلف أقلها اعتبار ما قيل “إشاعة هدفها زعزعة الجبهة الداخلية” ويتبعها اعتقالات ومحاكمات.
بعد لقاء اليوم فإن بقاء صالح مرهون بعدم فتح ملفاته الماضية التي لا يستبعد أن تكون هذه النقطة قد وجدت لها متسعاً من الوقت في نقاش صالح والحوثي الذي دام أكثر من ساعتين، وهذه الأخيرة “عدم فتح ملفات صالح” ستكون مرهونة بعدم محاولته الغدر بشركائه والبحث عن تفاهمات مع أطراف التحالف تضمن له البقاء في وضع أفضل مستقبلاً.
وبعد لقاء اليوم لن يتم اعتبار مجلس النواب مؤسسة تشريعية مستقلة، بل مؤسسة تشريعية يملكها ويستخدمها حزب المؤتمر وتحديداً علي عبدالله صالح وأي موقف يستجد من قبل البرلمان لن يكون بعيداً عن صالح.
وباختصار.. بعد لقاء اليوم ستكون أي محاولة من أي طرف الانقلاب على الآخر بشكل مباشر أو غير مباشر أو باستخدام أدوات ووسائل جرى استخدامها من قبل، سيكون ذلك بمثابة الانتحار.