العيد في صنعاء .. الفرحة بمذاق يمني خالص
المساء برس|خاص|
عيد أضحى ثالث ، لم يختلف كثيراً عن سابقيه ،عدا عن مساحات الالم والجراح المتسعة ، عبر الجغرافيا اليمنية المترامية الاطراف ، لكن مساحات الفرحة والسعادة كانت حاضرة وظاهرة في محيا اليمنيين كبارا وصغارا ، وهذا ما يميزهم عن غيرهم.
“حدائق صنعاء تكتظ بالزوار”:
في العاصمة صنعاء ،التي تكتظ بملايين السكان والنازحين ،عايشت فرحة العيد بالمتاح للأسر اليمنية التي تمر بوضع اقتصادي صعب فرضتها ظروف الحرب والحصار منذ مارس 2015م، فحظيت حدائق العاصمة خلال إجازة عيد الأَضحى المبارك بإقبال الاسر والعوائل اليمنية لقضاء أوقاتهم وممارسة الاطفال لطقوسهم العيدية بين الألعاب الترفيهية المختلفة ، ومشاركة الاهل والاصدقاء وجبة غداء والمقيل في الهواء الطلق .
فمن جولة ريماس ونفق السبعين شمالاً، إلى جولة المصباحي غربا، ميدان السبعين شرقاً، يحف حديقة السبعين محشر من البشر والمركبات والضوضاء غير المسبوقة، حيث تسابق الجميع لايجاد مكان يتسع له ولاسرته في مربعات الحديقة الخضراء.
وليست وحدها حديقة السبعين بهذه الصورة فحديقة الحيوان وحديقة الثورة، مرورا بالحدائق الخاصة والحدائق الصغيرة المنتشرة في عدد من أحياء صنعاء ، كانت ممتلئة بمئات الاسر ،لاسيما مع قيام بعض المستثمرين ، بإدخال بعض الالعاب الترفيهية ، التي لبت الى حد ما مطالب ورغبات الاطفال خلال إجازة العيد.
عدد من زوار حدائق أمانة العاصمة عن فرحهم وسعادتهم بزيارة الحدائق والإستمتاع مع أطفالهم وأسرهم بأجواء العيد ، وخاصة في ظل ظروف الحرب التي تشن على اليمن منذ اعوام ،والتي خلقت أجواء نفسية سلبية على كثير من الأسر والعوائل خلال الفترة الماضية.
وأشاروا إلى أنه رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب اليمني إلا أن أجواء عيد الأضحى المبارك والطقوس العيدية ما تزال كالعادة يمارسها الكثير ويتمتع بها الأطفال والنساء وخاصة التنزه في الحدائق وممارسة مختلف الألعاب .
“الأهجر ..قوافل الزوار لا تكاد تنقطع”:
من الزحام الذي لمسناه داخل حدائق العاصمة ، خُيّل لنا أن سكانها فضلوا المكوث فيها وعدم مغادرتها ،بحكم الظروف الاقتصادية وانقطاع الرواتب عنهم منذ قرابة العام ، (قرار رئيس ما يعرف بالشرعية نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء الى مدينة عدن) ، فتوجهنا الى أحد اهم المواقع السياحية ،التي كانت الاسر اليمنية المقيمة في صنعاء تحرص على زيارتها خلال عطلة العيد في ايام السلم، انها منطقة الاهجر التابعة اداريا لمحافظة المحويت (تبعد عن العاصمة قرابة60 كيلو متر) ، ففوجئنا بازدحام مماثل لحدائق العاصمة إن لم يكن أشد ، فقوافل الواصلين والمغادرين لا تكاد تتوقف من ساعات الصباح الاولى وحتى حلول سواد الليل.
البعض يفترش الارض بين اشجار المنطقة، بينما فضل اخرون تسلق الصخور الضخمة وصولا نحو شلال المياه المتدفق من أعلى الجبل بغية الاستحمام والتقاط الصور التذكارية ، وبعض الاطفال وجدوا في جداول الوادي متسعا للعب والمتعة والترويح عن النفس ، تحت نظرات الاهل التي بادلتهم ذات المشاعر والاحاسيس.
وبعيدا عن تواجد الاسر والعوائل ، توجه الكثير من الشباب مع اصدقائهم نحو قمة الجبل ،وحرص بعضهم على اختيار المكان الاقرب من منبع الشلال ، حيث قاموا بالتقاط الصور الجماعية وتبادلوا هناك النكات والاحاديث خلال فترة المقيل، وقام بعضهم بالرقص على أهازيج الطرب اليمني الاصيل.
وهو الحال ذاته في كل المواقع السياحية المحيطة بالعاصمة ، كدار الحجر ووادي ظهر وشلال بني مطر ، وأودية بني حشيش وبني الحارث وحمل وسنع وأرتل .
“هنا العاصمة لكل الطيف اليمني” :
خلال جولتنا في حدائق العاصمة والمنتجعات السياحية في محيطها ، شاهدنا كل الطيف اليمني ،وجميع محافظات البلاد ،في تناغم عجيب يعكس روعة عاصمة الجمهورية اليمنية صنعاء، كما وجدنا الجميع خليطاً واحداً متجانس ، رأوا في العيد فرصة للتعبير عما بأنفسهم من مشاعر فياضة تجاه بعضهم البعض ،بعيدا عن خلافات الساسة وحساباتهم.
أثناء تناول وجبة الغداء تبادل الجميع اصناف من موائدهم التي احضروها ،في مشهد يعجز أي كاتب عن تصويره، ويكشف زيف ادعاءات السياسيين واراجيف الاعلام الذي يؤجج الفتنة النائمة ، الملعون من أيقظها، فالجميع في صنعاء اخوة متعاضدون متحدون متماسكون ضد عواصف الفرقة والتشتت المراد أن تعم الوطن اليمني .
حرص الجميع خلال لقاءاتهم التأكيد على أن العاصمة الوحيدة لكل اليمنيين هي صنعاء ، شاء من شاء وأبى من أبى ، معتبرين أن من ينادي بتدمير صنعاء وتفجير الصراع داخلها، هو استهداف لكل يمني في شمال الوطن وجنوبه، شرقه وغربه.
الانطباع الذي خرجنا به خلال هذه المشاهدات أن صنعاء وحدها من احتضنت الجميع ولازالت تستقبل المزيد ، دون ان تسأل من اين ولماذا؟ ، فيكفي أن تكون يمنياً حتى تستقبلك صنعاء وأهلها بابتسامة ملؤها الترحيب والسلام.