القرار الجمهوري “إعلان حالة الطوارئ”
المساء برس – خاص/ في العام 2011 أعلن الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح حالة الطوارئ على وقع حالة الغليان التي يشهدها الشارع والاحتجاجات المطالبة برحيل صالح ورموز نظامه عن السلطة على الرغم من أن البلاد في ذلك الحين لم تكن في حالة حرب ولا حصار ولا انقسام كالذي تعيشه البلاد حاليا.. رغم كل ذلك أعلن صالح الطوارئ فلماذا اليوم يتخوف من إعلانها رغم أنها تستهدف “الخونة والعملاء والطابور الخامس الذي يوظفه التحالف لصالحه” والمؤتمر وقياداته وأنصاره ليسوا خونة ولا عملاء كما يقول الواقع المشاهد لعامة الناس.
بعد التهدئة التي توصل إليها حليفا الحكم في صنعاء “أنصار الله والمؤتمر” وأعلن عنه في ساعة متأخرة من مساء الاثنين بات الشارع اليمني مترقبا عما ستؤول اليه الاتفاقات واللقاءات المقبلة بين ممثلي الطرفين خاصة في القضايا البارزة التي ظلت مثار جدل منذ أشهر.
الخلافات الأخيرة التي شهدتها صنعاء بين مكوني انصار الله والمؤتمر بما فيها اشتباكات المصباحي وما شابها من مهاترات إعلامية وتصعيد في نبرة الخطاب الإعلامي الموجه ضد الآخر.. كانت مجرد “مهاوشة” بالنظر إلى طبيعة القضايا الكبيرة والكبيرة جدا التي تمثل فعلا خلافات عميقة ومهددة لمستقبل هذا التحالف.
واحدة من هذه القضايا التي برز الخلاف بشأنها منذ أشهر هي إقرار إعلان حالة الطوارئ التي تسعى جماعة أنصار الله لإعلانها بينما يرفض صالح وحزبه ذلك لأسباب غير واضحة.. ومن هنا بدأت الشكوك والاتهامات المتبادلة بين الطرفين.
فبينما ترى الجماعة ان رفض المؤتمر اعلان الطوارئ يعني وجود نوايا مبيتة للقيام بخطوات سياسية أحادية من شأنها إضعاف موقف صنعاء أمام التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات ضد اليمن استجابة لرغبات أبوظبي التي تستضيف نجل رئيس المؤتمر احمد علي عبدالله صالح.. يرى المؤتمريون أن إتاحة الفرصة لإعلان حالة الطوارئ يعني التسليم باعتقال أي قيادي أو ناشط سياسي أو إعلامي في الحزب لمجرد الاشتباه أو الاختلاف في الرأي مع أنصار الله.. تتزايد هذه المخاوف لدى قيادات المؤتمر لإدراكهم جيدا أن القبضة الأمنية والعسكرية هي لحلفائهم وليست لهم.
من المؤكد أن مبادرة البرلمان الذي يديره صالح – كون الأغلبية البرلمانية هي لحزبه “المؤتمر” – مثلت صدمة قوية لمكون أنصار الله وحلفائهم من القبائل والمكونات السياسية الأخرى المناهضة للتحالف.. وذلك نظرا لما تمثله المبادرة من جائزة ثمينة عجز التحالف بكل ما يملكه من عتاد عسكري ودعم استخباري غربي من نيلها بالأساليب العسكرية.. وبنظر الكثيرين فإن المبادرة المتضمنة تسليم ميناء الحديدة وباقي الموانئ اليمنية الجوية والبحرية للأمم المتحدة لإدارتها مقابل وقف الحرب تعد استسلاما واضحا للتحالف وتخليا عن السيادة.. ولهذا لا غرابة في أن نجد الحكومة الموالية للرياض أول المتمسكين بها وإن لم يتم الإعلان عن ذلك رسميا.
وإذا كان الحليفان “اللدودان” قد أعلنا حالة الطوارئ منذ أن بدأت الدعوات تتصاعد بضرورة اتخاذ هذه الخطوة.. فإن البرلمان رغم كونه السلطة التشريعية الباقية منذ ما قبل 2011 لم يكن ليجرؤ على إطلاق المبادرة.. لإدراكه ماذا تعني هذه المبادرة بالنسبة لسلطة صنعاء التي تقاتل للعام الثالث على التوالي تحت راية الاستقلال والسيادة والدفاع عن الوطن.
يرى العديد من المراقبين السياسيين أن إعلان حالة الطوارئ الآن باتت ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى.. خصوصا بعد الأحداث التي شهدتها العاصمة صنعاء منذ تحشيد المؤتمر غير المسبوق للاحتفال بذكرى تأسيس الحزب مرورا بما سبق الفعالية من اتهامات مبطنة متبادلة بينه وبين أنصار الله وليس انتهاء بأحداث جولة المصباحي.. حيث تزامنت تلك الأحداث ولازالت بتصعيد إعلامي تحريضي اشتغل عليه التحالف ليل نهار حتى تحولت بعض الوسائل الإعلامية الموالية للتحالف إلى أبواق مؤتمرية أكثر من المؤتمريين أنفسهم وهدفها من ذلك الدفع بتفجير الموقف بين الطرفين عسكريا حتى يتسنى للتحالف إسقاط العاصمة من الداخل بالتزامن مع زحف كان يتم التحضير له من خارج العاصمة.
ومن البديهي أن خطة كهذه كان التحالف قد أعد لها مسبقا واستطاع تمرير خلاياه وحلفائه إلى العاصمة مستغلا على سبيل المثال الحشود التي حشدها المؤتمر وصالح إلى ميدان السبعين ولهذا فإن احتمال وجود مخاطر تهدد أمن العاصمة أو تهدد استمرار بقاء التحالف الاستراتيجي بين المؤتمر وأنصار الله قد زادت أكثر من أي وقت مضى.. ومن هنا فإن قانون الطوارئ يصبح له أهمية كبيرة في هذه المرحلة على الأقل لفترة مؤقتة ريثما يتم إعادة ترتيب الأوضاع والتمهيد لجولة مفاوضات سياسية مقبلة.
ولا تزال هناك موانع أخرى بالنسبة للمؤتمر تحتم عليه عدم القبول بقانون الطوارئ منها تورط شخصيات بارزة بقضايا فساد والبعض الآخر باتصالات خارجية والبعض الآخر بقضايا ذات بعد سياسي وأمني قومي قد تصل عقوبة مرتكبيها إذا ما جرى التحقيق معهم وثبوت إدانتهم إلى الإعدام والتعزير كون تلك القضايا لا تستهدف أنصار الله وحدهم ولا تتعلق بدول التحالف فقط بل تستهدف نحو 30 مليون مواطن يمني وارتباطاتها الخارجية أكبر من السعودية وأكبر من الإمارات.
حديثنا القادم سيكون حول الخلافات العميقة بين أنصار الله المؤتمر حول الملف الاقتصادي وخفايا الملف الاقتصادي وما يدور من صراع في اللجنة الاقتصادية.
صورة من قانون إعلان حالة الطوارئ التي أعلنها صالح في العام 2011