للمشغولين بصنعاء: تحركات مشبوهة في باب المندب والوضع خطير
المساء برس – تقرير خاص/ ثمة تحركات مشبوهة جرت في باب المندب والسواحل اليمنية خلال الفترة الماضية، فيما كان اليمنيون مشغولون بالأحداث المتلاحقة في صنعاء.
وكشف مصدر بالسلطة المحلية بمحافظة عدن إن ثمة تحركات سريّة تجري حالياً بشأن باب المندب والسواحل اليمنية وأن هذه التحركات تقف خلفها أطراف خارجية وأطراف في دول التحالف وأطراف داخلية وصفها بـ”مرتزقة العمولات”.
وقال المصدر في تصريح خاص لـ”المساء برس” إنه “بينما اليمنيون مشغولون بما يحدث في صنعاء هناك من يحضّر لصفقة قذرة تتعلق بباب المندب والسواحل اليمنية”، مضيفاً “يستغفلون القبائل الجنوبية ويشتتون أنظار الرأي العام ويشغلونه بمتابعة الصراع بين الانقلابيين في صنعاء بينما هم عاكفون على تنفيذ مخططهم”.
وحذر المصدر في تصريحه اليمنيين كافة في الشمال والجنوب إلى التنبه وعدم التعاطي مع ما يحدث “بسذاجة”، حسب وصفه، لافتاً إلى أن الجميع سيخسر إذا لم يتحرك أحد ويوقف العبث الذي يستهدف البعد الجغرافي والسياسي لليمن، وأن هذه الخسارة لن تستثني أحد في الشمال أو الجنوب. حسب تعبيره.
ولم يوضح المصدر ما طبيعة التهديدات التي تتعلق بباب المندب والسواحل اليمنية، لكنه أكد أن هناك تكتماً شديداً وأن العمل يتم حالياً بدرجة عالية من السرية، مشيراً إلى أن هذا التحرك يسعى إلى تحقيق رغبات وأطماع أطراف دولية تعود إلى القرن الماضي.
ولعل الصراع والحرب التي يقودها التحالف بقيادة السعودية والإمارات على اليمن، يعد جزء كبير منها عائد لأسباب ومساعي السيطرة على باب المندب كونه الممر الدولي الأهم في العالم.
وتسعى الإمارات بضوء أخضر من واشنطن ولندن وتل أبيب إلى السيطرة على السواحل اليمنية من أجل التحكم والسيطرة على باب المندب، ولإسرائيل مآرب من السيطرة على باب المندب ولو بشكل غير مباشر ولهذا شاركت في تقديم معلومات عسكرية يمنية لدول التحالف كما شاركت بمستشارين عسكريين، وفقاً لتقارير صدرت عن مراكز دراسات أوروبية في العام 2015م.
وأطماع تل أبيب وواشنطن ولندن في باب المندب ليست جديدة وقد بدأت منذ سبعينات القرن الماضي، حيث كان لإسرائيل تواجد جنوب البحر الأحمر أثناء وقبل حرب أكتوبر بينها وبين مصر.
وكان للرئيس اليمني الأسبق الشهيد/ إبراهيم الحمدي دور كبير في حماية الجغرافيا اليمنية وإبعاد أكبر تهديد لها آنذاك حيث تنبه باكراً لوجود تحركات غربية مشبوهة تسعى للسيطرة على باب المندب.
وقد اتجه الحمدي نحو التنسيق الدبلوماسي مع الدول العربية فيما يخص التهديدات الإسرائيلية المستمرة وتواجدها في البحر الأحمر، ومع انضمام اليمن الجنوبي للاتحاد السوفيتي أصبحت منطقة جنوب البحر الأحمر وخليج عدن تحت هيمنة القوى الكبرى، بينما كانت فرنسا متواجدة في قاعدة عسكرية بجيبوتي كانت البوارج الحربية الأميركية في الأسطول السابع متواجدة بشكل مستمر جنوب البحر الأحمر وباب المندب، وحينها كان هناك حضور إسرائيلي مكثف جنوب غرب البحر الأحمر.
وفي العام 1976م قررت اليمن حظر التحليق الجوي للطيران الحربي فوق باب المندب، وتحرك الرئيس الحمدي باكراً وعقد لقاءً في تعز ضم عدداً من رؤساء الدول المطلة على البحر الأحمر، حيث استجابت بعض الدول للدعوة وشاركت (دولتي اليمن شماله وجنوبه، الصومال، السودان) في حين غابت كلاً من (مصر والسعودية وأثيوبيا).
وقد دعا اللقاء إلى إبقاء البحر الأحمر خارج صراعات القوى الكبرى ورفض أي تواجد للقوات الأجنبية، وبعد انعقاد اللقاء الرباعي كثفت إسرائيل من نشاطها واستفزازاتها لليمن الشمالي.
وفي عامي 1977م و1978م انتهكت إسرائيل الأجواء اليمنية حيث رصدت طلعات جوية لطيران حربي إسرائيلي فوق المياه الإقليمية اليمنية والسواحل الغربية.
وقد دفعت الاعتداءات الإسرائيلية، اليمن إلى تقديم شكاوى احتجاجية للأمم المتحدة، وأجرى الرئيس الأسبق أحمد الغشمي وخلفه علي عبدالله صالح لقاءات بقادة عرب ركزت على مستجدات الأوضاع في البحر الأحمر.
وخلال الحرب العراقية الإيرانية “حرب الخليج الأولى” تمت زراعة ألغام بحرية في الممرات الدولية كانت تهدف إلى التشكيك من قدرات اليمن في حماية ناقلات النفط العابرة من باب المندب، وكان الهدف إيجاد ذريعة لإبقاء التواجد العسكري الأجنبي في الجزر اليمنية بذريعة حماية السفن المارة وتقديم خدمات الإنقاذ وتسهيل مرورها.
وفي الـ (15) من ديسمبر 1995م هاجمت قطع بحرية أريتيرية الحامية العسكرية اليمنية في جزيرة حنيش وقامت باحتلالها، وكان ذلك بدفع ودعم من الكيان الصهيوني الذي كان يتمتع بعلاقات ممتازة مع أريتيريا، كما تشهد المفاوضات اليمنية الأريتيرية على الحدود البحرية قبل احتلال الجزيرة على وجود تعنت ولغة تهديدية من قبل وفد أريتيريا، وقد تم الكشف فيما بعد أن الوفد الأرتيري كان يتلقى تعليمات مسبقة من تل أبيب بعدم التفاوض.
وعقب احتلال الجزيرة شهدت منطقة جنوب البحر الأحمر نشاطاً عسكرياً لإسرائيل والولايات المتحدة بالإضافة إلى مناورة عسكرية بحرية أمريكية أريترية، كما أن احتلال جزيرة حنيش أعقبها بفترة وجيزة زيارة للرئيس الأرتيري أسياسي أفورقي إلى تل أبيب وعقد مع الإسرائيليين صفقة شراء أسلحة وتزويد جيشه بمروحيات وقطع عسكرية وتدريب 4 آلاف جندي.
وفي تلك الفترة كشف دبلوماسي مصري في تصريحات صحفية أن هناك تواجداً عسكرياً صهيونياً جنوب البحر الأحمر، وقال إن إسرائيل تحاول إيجاد موطئ قدم لها في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر لمراقبة حركة الملاحة، كما أن التقرير الصادر عن اللجنة التابعة للجامعة العربية في نوفمبر 1995م أشار إلى وجود إتصالات إسرائيلية إرتيرية حول جزيرة حنيش اليمنية بهدف إنشاء محطة مراقبة لاسلكية فيها لمراقبة السفن في الممر الدولي.
وفي ديسمبر 95م نقلت صحيفة “يمن تايمز” عن مجلة الدفاع الوطني الأمريكية تصريحاً للعميد في البحرية الأمريكية هنري لابروس تحدث فيه عن مصلحة إسرائيل في السيطرة على جزيرة حنيش واصفاً إياها بـ”الجزيرة الاستراتيجية”، وفي تلك الفترة نشرت مجلة الدفاع الأمريكية أكثر من مادة صحفية عن جزيرة حنيش والأوضاع العسكرية في المنطقة.
وفي فبراير 96م نشرت يومية الثورة اليمنية خبراً عن تأكيد الحكومة الإسرائيلية لعلاقتها بأرتيريا ووصفتها بأنها ذات موقع استراتيجي يضمن لإسرائيل اتصالات بحرية وجوية بأفريقيا والشرق الأقصى.
ومؤخراً وخلال الحرب الأخيرة على اليمن التي اندلعت في مارس (2015) سارعت القوات الأمريكية وقبلها الإماراتية إلى التواجد العسكري في الجزر اليمنية أبرزها أرخبيل حنيش المشرفة على ممرات الملاحة الدولية، وحالياً تخضع جزر سقطرى وميون وزقر وأرخبيل حنيش وبريم لإدارة دول التحالف بموافقة من حكومة ما يعرف بالشرعية وتشهد هذه الجزر نشاطاً عسكرياً أمريكياً تفاصيله لازالت محدودة.