المعارضون لأنصار الله يلجأون للعيش في صنعاء حفاظاً على حياتهم
المساء برس – خاص/ أثارت تصريحات الناشط السياسي والصحفي المعروف فتحي بن لزرق – رئيس تحرير صحيفة وموقع عدن الغد – وما تلاها من تجاوب سريع من قبل قيادة أنصار الله في صنعاء، أثارت جدلاً واسعاً في صفوف الموالين للحكومة الموالية للرياض.
وفتحي بن لزرق هو صحفي وأحد أبرز الناشطين في محافظة عدن – المقر الرئيسي لحكومة الرئيس منتهي الولاية عبدربه منصور هادي – وقد قرر يوم أمس الأول إيقاف نشاطه على الفيس بوك وكتاباته التي تكشف جانباً مما يدور في محافظة عدن وفي أروقة الحكام الفعليين “القوات الإماراتية” للمحافظة الجنوبية المهمة بالنسبة لحكومة هادي، وقد قال بن لزرق إنه اتخذ هذا القرار حفاظاً على حياته التي قال إنه بات يشعر أنه في خطر فعلي بسبب ما ينشره.
وسرعان ما لاقت تصريحات الصحفي الجنوبي تجاوباً من قبل قيادة حركة “أنصار الله” الحوثيين، الذين دعوه للانتقال والعيش في صنعاء وتكفلوا بحمايته وإتاحة المجال أمامه للكتابة وحرية التعبير بما يريد.
وأعلن الصحفي بن لزرق في صفحته على الفيس بوك إنه تلقى اتصالاً من قيادي بارز في أنصار الله بصنعاء وعرض عليه الانتقال للعيش في العاصمة اليمنية وله الحماية وحرية التعبير وكتابة ما يريد، لكن “فتحي” اعتذر وقال بأنه لن يغادر عدن مع تأكيده للقيادي في أنصار الله أن صنعاء كان ولا زالت وستبقى هي وطنه الثاني، وأضاف بن لزرق أيضاً “ان أهلي في “عدن” إذا كانوا عيني اليمين فإن صنعاء واهلها ومن حلها هم عيني اليسار وإننا في اليمن وان اختلفنا (سياسيا) نظل أهل وأحبة وإخوة”.
وقبل أن تتواصل قيادة أنصار الله بالصحفي الجنوبي “بن لزرق” كان رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي قد كتب في صفحته على الفيس بوك “الاخوة الناشطون في الجنوب العزيز المحتل كل من لا يستطيع البقاء في أرض الجنوب لدواعي امنية فقلوبنا قبل مدننا مفتوحة لكم ولن ننظر الى اي ماض”.
“صنعاء الملاذ الآمن للهاربين من الاغتيالات”
وبين صنعاء وعدن ثمة مفارقات كبيرة أبرزها في المجال الأمني، ولعل ذلك هو ما جعل المئات من الناشطين السياسيين من المعارضين لـ”أنصار الله” أن يختاروا ويفضلوا العيش في صنعاء بدلاً من المدن الواقعة تحت سيطرة المسلحين الموالين لحكومة هادي والتحالف.
واستطاعت حركة أنصار الله وحلفائها من حزب المؤتمر طيلة عامين ونصف أن تحافظ على بقائها مسيطرة بشكل شبه كلي على السلطة في صنعاء وبقية المحافظات التي تسيطر عليها وتديرها والتي يعيش فيها 80% من سكان الجمهورية اليمنية، ويعود السبب في هذا النجاح وفقاً لمراقبين إلى الحفاظ على الأمن العام وعدم وجود أي مظاهر مخلة بالأمن وانفلات أمني في أي محافظة واقعة تحت سلطة أنصار الله “الحوثيين”.
على العكس من ذلك يعيش المواطنون والناشطون السياسيون والصحفيون وحتى المسؤولون في حكومة هادي حالة ذعر وهلع وخوف شديد في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف والفصائل المسلحة الموالية لـ”الشرعية”، ومنذ أن سيطرت القوات الموالية للتحالف على بعض المناطق الجنوبية وحتى اليوم تعيش تلك المناطق حالة انفلات أمني لم يسبق لها مثيل، ولا يخلو يوم لا يحدث فيه عملية قتل أو اغتيال سياسي أو سطو مسلح أو تفجير إرهابي في أي مدينة خاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة الموالية التحالف.
وعلى الرغم من أن إجمالي عدد السكان المتواجدين في المحافظات والمدن التي تسيطر عليها حكومة هادي لا يتجاوزون (20%) من إجمالي سكان اليمن إلا أن “الشرعية” والتي تقف إلى جانبها دول الإقليم والدول الغربية الكبرى ومجلس الأمن الدولي عجزت عن حماية هذه النسبة القليلة من السكان، حيث تشهد مناطقها التي تصفها بـ”المحررة” أكبر انفلات أمني وإداري واجتماعي عرفته اليمن.
“وضع المنشئات الحكومية بين سلطتي صنعاء وعدن”
وفي صنعاء استطاعت “المليشيات الانقلابية” – كما يحلو لحكومة هادي ومؤيدوه وصفها – فرض هيبتها وحافظت على ما كانت تقف عليه حارسة من منشئات حكومية ومباني تابعة للدولة، في الوقت الذي كان الجميع يتهمها بالملشنة والاستيلاء على مؤسسات الدولة، وهذه المؤسسات هي ذاتها التي عاودت تمارس مهامها بعد تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني دون أن تحتاج قطعة أثاث واحدة بسبب بقاء “الانقلابيين” تحرسها من نهب العابثين.
في المقابل فشلت “الحكومة الموالية للرياض” في تأمين قصر المعاشيق “دار رئاسة الشرعية” كما فشلت في تأمين بقاء “الرئيس هادي” داخل عاصمته المحررة، حيث اضطر لمغادرة قصره وآثر العودة إلى منفاه بالرياض، بعد أن أصبح بقاؤه في عدن أمراً شبه مستحيل بسبب النفوذ الإماراتي الذي أكسب القوات الإماراتية المشاركة في عمليات التحالف شرعية للبقاء في اليمن أكثر من أصحاب الأرض أنفسهم، بعد أن تمكنت الإمارات من تجييش بعض الشارع الجنوبي في صفها وفي صف مليشياتها المسلحة التي أصبحت حالياً هي السلطة الفعلية في المحافظات الجنوبية، لدرجة أن المقرات الحكومية واقعة في يد المليشيات التابعة للإمارات ولم تستطع حكومة هادي استعادتها، وأبرز هذه المنشئات مبنى محافظة عدن ومنزل المحافظ اللذين لا يزالان بيد قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتياً ويتخذ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم أيضاً من الإمارات من تلك المنشئات مقرات له.
“بين أمن الانقلابيين وفوضى الشرعية”
ويرى البعض أن “انقلابيو صنعاء” وبسبب انعدام الجريمة في مناطقهم التي يسيطرون عليها واختفاء العصابات الإرهابية وعصابات السلب والسطو المسلح وارتفاع درجة الأمن والاستقرار المجتمعي وإحساس المجتمع هناك بوجود الدولة، هذا الوضع الأمني بالمجمل دفع بمن يؤيدون حكومة هادي إلى النزوح نحو مناطق سيطرة “انصار الله” حفاظاً على حياتهم، نظراً لما تتمتع به تلك المناطق من درجة أمان عالية واستقرار معيشي خلافاً للوضع الذي يعيشه معارضوا الحوثي في مدنهم الواقعة تحت سيطرة مقاتلي التحالف، من سلب ونهب وأعمال اغتيال يومي وسطو مسلح وانتشار غير مسبوق للجريمة والجماعات الإرهابية والمتطرفة.
“حتى المنظمات الدولية تفضل البقاء في صنعاء”
على الرغم من انحياز المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى حكومة هادي والتحالف إلا أنها تفضل البقاء والعيش وإدارة عملها في اليمن ككل من صنعاء، نظراً للبيئة الأمنية والملائمة التي استطاعت سلطة الأمر الواقع في صنعاء توفيرها منذ اندلاع الحرب في مارس 2015.