كواليس سقوط معسكر الجابري الاستراتيجي بجيزان للمرة الثالثة
المساء برس – خاص/ بمقاتلين لا يتجاوز عددهم الـ(30) جندياً تمكنت قوات صنعاء من اقتحام معسكر الجابري بجيزان الذي يبعد 30 كيلو متراً عن الحدود اليمنية، في معركة تعد بكل المعايير العسكرية غير متكافئة نظراً لما يمتلكه الطرفان من الأدوات والأسلحة العسكرية.
وردت تلك المعلومات في تقرير مفصل لموقع “العربي” الإخباري – يهتم بشؤون الشرق الأوسط وجنوب الجزيرة العربية – عن كواليس سقوط معسكر الجابري الذي يقع في يد قوات الجيش واللجان الشعبية الموالين لحكومة الإنقاذ صنعاء، للمرة الثانية منذ اندلاع الحرب على اليمن، والثالثة منذ الحرب السادسة التي خاضها الجيش اليمني والجيش السعودي ضد مقاتلي أنصار الله عام 2009م.
يقول التقرير إن “27 مقاتلاً من «أنصار الله» وحلفائهم سيطروا على معسكر الجابري، وخاضوا معركة غير متكافئة مع الجيش السعودي المسنود بطائرات «F16» و«أباتشي» و«توريندو»، منذ مساء الخميس إلى صباح الجمعة، 28 يوليو 2017، ليعتلوا مدرعات الـ«أبرامز» والـ«برادلي»، بعد أن تركوا منفذاً لانسحاب القوات السعودية التي قُتل منها 20 ضابطاً وجندياً سترد أسماؤهم في سياق التقرير”.
ونقل التقرير عن جرحى من مقاتلي صنعاء أصيبوا في معركة الجابري روايتهم حول تفاصيل إسقاط المعسكر، ويقول “أبو شليل كعيبة” وقد كسرت ساقه في جبل المروة المطل على الجابري “أُبلغت مع 26 من زملائي المجاهدين بتكليفنا بمهاجمة الجابري. وكان ذلك قبل أسبوع من بدء المعركة، حيث كنا يومها في قرية قمر، غرب مدينة الخوبة، والتي تبعد عن حامضة، أول قرى الجابري، مسافة 20 كلم”.
وأضاف: “وضعنا الخطة، وكل 4 – 5 منا توزعوا في مجموعات. بدأنا بالتحرك والطائرات الزنانة والأواكس لا تكف عن التحليق في سماء المنطقة على مدار الساعة. كل مجموعة معها إلى جانب البنادق الشخصية، مدفع B10 ومضاد للدروع من نوع كورنيت حراري، وكمية من الألغام، نتناوب على حملها في الشعاب والمرتفعات”.
وتابع: “بعد 4 أيام بلياليها من الزحف والمشي على الأقدام، اقتربنا من أبراج الرقابة ونوب الحراسة. أجسادنا مغطاة بأغصان الشجر وملتقصة بالصخور، لنبدأ الزحف الذي عادة ما يكون في الليل، ومع كل صوت يصدر من تحركاتنا أو من عبث القرود والرياح بالأشجار يطل الجنود السعوديون من نوب الحراسة بالنواظير الليلية يجولون بها في المحيط المظلم، ويعودون إلى الداخل ونحن بين الفينة والأخرى نزرع الألغام حول الأبراج والنوب كلما علت أصوات الضباط والجنود، أو ارتفع أزيز الطائرات فوق رؤوسنا”.
وتابع الجريح حديثه: “التوجيهات صدرت ليل الخميس لصباح الجمعة ببدء المعركة بتفجير أبراج الرقابة وقصف المدرعات وسط المعسكر. بعدها علا الصراخ من الداخل وأُطلقت النيران بعشوائية في كل مكان، ونحن نرصد صدام المدرعات ونستهدف بالمضادات الحرارية الواحدة تلو الأخرى، عدا الأطقم والمدرعات الهاربة من المدخل الشمالي. ومع اقتراب الفجر، بدأ قصف الطيران بعشوائية حتى الصباح، ليستشهد منا 9 من المجاهدين، كما أصبت أنا و5 من زملائي في مدرسة محو الأمية وسط المعسكر، والتي حولتها القوات السعودية إلى مخزن للذخيرة”.
وقال أبو شليلة: “استولينا على المعسكر، ورفعنا العلم اليمني والشعار في الجابري، وهتفنا بالصرخة. ومع مشاهدة المدرعات تحترق والأدخنة تتصاعد، ذرفنا دموع النصر وتملكنا شعور بقوة وعظمة لا توصف، ورددنا زامل الشهيد لطف القحوم:
قل للعداء قائد اﻷركان جيشك تراجع على أعقابه
يوم اقتحمنا جبل دخان والجابري صاحت أبوابه
وين انت يوم احترق جيزان وشعارنا صار في الخوبة”.
تحت عنوان “30 كلم خلف الحدود” أورد التقرير خلفية عن معسكر الجابري وما تعرض له من هجمات عسكرية من قبل الجيش اليمني منذ بداية الحرب وما وقع في المعسكر في العام 2009م حين شاركت القوات السعودية إلى جانب قوات الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح في الحرب السادسة عل الحوثيين، حينها استولى مقاتلو “أنصار الله” على مرتفعات الجابري والدخان والدود والخوبة في جيزان، ومعها 25 قرية سعودية، و10 دبابات، خلال أقل من أسبوع، لتضطر السعودية للتفاوض مع قادة الحركة، والاتفاق معهم على مناطق آمنة وخالية من السلاح في الشريط الحدودي. ودفعت الرياض حينها أموالاً لاسترجاع الدبابات.
وتطرق التقرير إلى سيطرة قوات الجيش اليمني ومقاتلو أنصار الله في العام 2015م على المعسكر ذاته للمرة الثانية بالإضافة إلى سيطرتهم على مناطق “تفوق ما استولوا عليه في المرة الأولى، لينسحبوا بعدها بشكل غير معلن بموجب اتفاق ظهران الجنوب”.
وكشف قيادي ميداني في حركة أنصار الله “يحيى الغيلي”: “أن الجيش واللجان الشعبية تقدموا 30 كلم من حدود صعدة إلى داخل جيزان، وسيطروا على 450 قرية في محافظتي الحرث وأحد المسارحة، بعد أن أخلتها القوات السعودية من السكان وخسرتها بعد ذلك في قتالها معنا”، بحسب ما نقله التقرير.
ويضيف الغيلي أنه “منذ بداية العدوان على اليمن في مطلع العام 2015، استحدثت القوات السعودية مئات المواقع وأبراج الرقابة والعديد من المعسكرات في جيزان، الكثير منها تمت السيطرة عليها، وإن انسحب الجيش واللجان من بعضها، فإن الآليات العسكرية المدمرة، ونقش الرصاص على الصخور، والكتل الخرسانية في الجبال والشعاب، تحكي حجم الخسائر التي تكبدها النظام السعودي ولا يزال”.
وكشف التقرير أن زعيم حركة أنصار الله السيد عبدالملك الحوثي زار المقاتلين في جبهات جبل الدود والدخان داخل السعودية الأسبوع الماضي، مضيفاً بأنه “يدير المعارك في الأراضي السعودي بنفسه”، مرجعاً أن ذلك أدى لأن يكثف الطيران السعودي قصفه على جبال مران وحيدان والظاهر وشدا التي حول الطيران منازلها إلى خراب ومدرجاتها الزراعية إلى حقول للقنابل العنقودية.
وقال التقرير إن التضاريس الجبلية والغطاء النباتي الكثيف والأجواء الغائمة معظم شهور العام في جيزان وصعدة تلعب دوراً في نجاح هجمات مقاتلي «أنصار الله» داخل السعودية، “حيث يصعب رصدهم من أبراج الرقابة السعودية”.
وعلى لسان “أبو الزهراء المؤيد”، وهو أحد المشاركين في السيطرة على الجابري الأسبوع الماضي، نقل التقرير أنه “من أجل نجاح العمليات التي نقوم بها، نرصد أهدافنا من بين الأشجار لساعات، ونكتسي بلون الطبيعة هناك، ونصوم عن الأكل لأكثر من 24 ساعة في بعض الأحيان. وعند اقتحام المواقع السعودية نجد السترات الواقية مرمية على الأرض، ولا نرتديها، ولا نتناول الوجبات والعصائر التي تكتظ بها الثلاجات في المواقع التي تسقط في أيدينا، ونقطع المسافات بالأميال حفاة الأقدام حتى لا نترك أثراً خلفنا”.
ويضيف المؤيد أن “الطيران يفشل في رصد تحركاتنا، ولو كنت في جيزان فلن تفرق بين الطيور والطائرات المسيرة التي صنعت بأشكال النسور والغربان والصقور، ومع ذلك تستعين القوات السعودية بقصاصي الأثر من كبار السن يقتفون آثار أقدامنا، ونشاهدهم على مقربة منا ونلزم السكون ولا نمسهم بأذى”.
وأضاف التقرير إن منطقة الجابري تعد، بما تحتويه من مواقع عسكرية، من أهم المناطق الإستراتيجية في جيزان، وأن “السيطرة عليها أزاحت عائقاً كبيراً أمام تقدم مقاتلي «أنصار الله» وحلفائهم، وأفقدت الجيش السعودي نقاطاً ومحاور مهمة في العمليات الميدانية، وفتحت الطريق للسيطرة على مزيد من المساحة الجغرافية شمال الخوبة وشرقها”.
وأشار التقرير إلى سبب قيام السلطات السعودية بتهجير القبائل في جنوب المملكة، والتي وقعت مع أنصار الله بعد العام 2010م اتفاقايات بشأن الحفاظ على حسن الجوار، الأمر الذي سمح لأنصار الله ومسانديهم من الجيش اليمني بالتقدم نحو جيزان بدون أي مواجهات مسلحة بداية الحرب، بالإضافة إلى وجود علاقات مصاهرة بين قبائل صعدة وقبائل جيزان.
وقال الشيخ القبلي بصعدة “علي مسفر” إن “الكثير من السكان في جيزان يعانون من التهميش من قبل السلطات السعودية، وتربطنا معهم علاقات جوار وتزاوج، وبسبب ذلك هم موضع شك وريبة لدى النظام السعودي الذي يخرجهم من منازلهم وأراضيهم الزراعية بالقوة، ومؤخراً قام بسجن العشرات منهم لمعارضتهم علناً ممارسات الإخلاء ومماطلة السلطات السعودية في دفع التعويضات”.
واختتم التقرير بالتعاطي الإعلامي السعودي لمجريات المعارك في جنوب المملكة وقال “يتكتم الإعلام السعودي على المعارك في جيزان ونجران وعسير، لكن تغطياته لمراسيم التشييع ومجالس العزاء اليومية لقتلى الحد الجنوبي للمملكة، تكشف جانباً من نزيف الجيش هناك. وفي معركة الجابري، ومن واقع صور البطاقات العسكرية للقتلى من الجيش السعودي، فإن 20 ضابطاً وجندياً قتلوا في المعركة”.
وأورد التقرير أسماء عدد ممن قتلوا في معركة الجابري من جانب السعودية وهم:
– النقيب أحمد جبران الغزواني
– الملازم محمد العنزي
– العريف عادل رجب الزهراني
– الجندي محمد الحاتمي
– الجندي عبيد فلاح الحربي
– الجندي عبد الله حمدي
– الجندي عبد الله النجيمي
– الجندي عاطي الجدعاني
– الجندي حمود موسى الناشري
– الجندي حسن محمد الصميلي
– الجندي أحمد الرشيدي
– الجندي عثمان العسيري
– الجندي عبد الرحمن مسلمي
– الجندي عايد الحربي
– الجندي ناهس عبد الله الحربي
– الجندي مسفر الأكلبي
– الجندي محمد سعود الخولي
– الجندي ماجد عوض الوذياني
– الجندي عبد المجيد العطوي
– الجندي عبد العزيز العطوي