«إمبراطورية توتال» تعود من جديد… العيون نحو الجنوب
المساء برس – متابعة خاصة/ كشف تقرير صحفي عن مغزى مساعي حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، إلى بسط سيطرتها على مواقع إنتاج وتصدير الغاز في اليمن في محافظة شبوة، ونشر قواتها العسكرية لحماية أنبوب الغاز الممتد إلى ميناء بلحاف جنوباً.
وقال التقرير المنشور في موقع “العربي” إن خطوات الحكومة تأتي بعد أن كانت قد طلبت في منتصف العام الماضي، من المسؤولين في شركة «توتال» إعادة شراء غاز اليمن لفرنسا عبر الشركة التي كانت قد توقفت عن العمل في اليمن نهاية العام 2015.
ووفقاً للتقرير فإن صفقة فساد يجري التمهيد لإنجاحها بين الشرعية وشركة توتال، حيث شكك مراقبون من نزاهة الصفقة “التي يجري الاتفاق بشأنها بين الحكومة والشركة الفرنسية كون الأخيرة لها تاريخ سيء السمعة عبر مسيرة عملها في أكثر من بلد من ضمنها اليمن التي استغلت الشركة ثروات البلاد النفطية والغازية لثلاثة عقود”.
“توتال في عهد صالح”
وتطرق التقرير إلى إن «توتال» في عهد الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، كانت تلجأ إلى دفع الرشاوى مقابل استمرار احتكار الشركة لاستخراج الغاز اليمني وبيعه بثمن رخيص وحرمان البلاد من ثرواته النفطية. ففي الوقت الذي كان فيه السعر العالمي للمليون وحدة حرارية من الغاز يساوي 12 دولاراً كانت «توتال» تشتريه من اليمن بدولار واحد فقط، فيما كان نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، يبيعه لكوريا بـ3 دولارات فقط، الأمر الذي أدّى إلى حرمان اليمن مئات الملايين من الدولارات.
“في عهد هادي”
يكشف التقرير أن عبدربه منصور هادي، لم يتمكن منذ العام 2012 وحتى العام 2015 من إيقاف «مافيا» شركة «توتال» وشركائها المحليين من العبث بثروات البلاد واستنزافها. واستمرت الشركة في عملها حتى قررت إيقاف العمل ومغادرة البلاد نهاية العام 2015 بفعل الأحداث التي شهدتها البلاد حينها، من دون أن تقوم حكومة هادي، حينها بعمل أي إجراءات لاستلام المواقع والمعدات وإحلال العمالة المحلية الكفوءة، بل تركت الأمر للشركة نفسها والتي قامت بتعيين شخصيات تضمن من خلالهم استمرار مصالحها في اليمن بعد مغادرتها البلاد وربما لضمان عودتها مرة أخرى.
“هادي يخضع لتوتال والشعب سيدفع الثمن من ثرواته”
ونقل التقرير عن مصدر اقتصادي مقرب من الحكومة “أن عودة «توتال» للعمل في اليمن قد لا تكون تحمل نوايا حسنة، مضيفاً أن شركة «توتال» تستغل عدم وجود سوق لبيع الغاز اليمني واضطرار الحكومة اللجوء إليها لبيعه لفرنسا”.
وأشار المصدر إلى أن الشركة ستستغل “ضعف موقف الشرعية” وتقبل ببيع الغاز مقابل فرض شروط مجحفة على حكومة هادي التي ستقبل بها مقابل حصولها على عمولات بملايين الدولارات، لافتاً إلى أن هذه الشروط إن تم القبول بها فسيحرم اليمن من مئات المليارات من الدولارات.
ومن المتوقع أن تسعى شركة “توتال” إلى فرض سيطرتها على غاز مأرب والسيطرة على جميع القطاعات النفطية التي تحتوي على مادة الغاز في شبوة وحضرموت، خاصة وأنها تمتلك قاعدة بيانات جيولوجية بآبار الغاز والنفط في اليمن لا تمتلكها لا الحكومة في عدن ولا وزارة النفط في صنعاء.
“قبائل شبوة وحضرموت في غفلة أم استغفال؟”
ويكشف التقرير دور النافذين القبليين في المناطق التي تقع فيها حقول وآبار الغاز، حيث يفرضون سيطرتهم على المناطق المحيطة بالمنشأت النفطية والغازية وعلى امتداد أنابيب الغاز للحصول على الأموال تحت مبرر حماية الأنابيب من الاعتداءات التخريبية.
ويقول التقرير إنه “وفقاً للمعلومات الواردة، فإن النافذين القبليين يعلمون بصفقات الفساد بين الحكومة والشركات الأجنبية العاملة في تنقيب واستخراج النفط والغاز في اليمن وتسعى من خلال فرض تواجدها على امتداد الأنابيب للحصول على حصتها من تلك الصفقات مع علمها بأن ما تحصل عليه ليس إلا الفتات”.
“هل ينخرط المجلس الانتقالي الجنوبي في اللعبة؟”
وتطرق التقرير إلى موقف المجلس الانتقالي في ظل توتر الأوضاع جنوب اليمن، “من المحتمل أن يسعى «المجلس الانتقالي» في عدن إلى عرقلة أي إجراء لحكومة هادي، يهدف للتمهيد لعودة «توتال» للعمل جنوباً، من خلال الدفع بالقبائل التي تفرض سيطرتها على مناطق امتداد أنبوب الغاز لرفض انسحابها حتى يتم الاتفاق مع حكومة هادي بشأن عائدات الغاز”.
وعلى لسان مراقبين يشير التقرير إلى أن “المجلس لن يجرؤ على اتخاذ خطوة كهذه إلا بضوء أخضر من الإمارات، لافتاً إلى أن الأخيرة لا يهمها مناطق النفط في الجنوب، بقدر ما يهمها التحكّم بالموانئ والشريط الساحلي وباب المندب”.
“حقائق يجب إدراكها”
وتعتبر توتال الفرنسية من الشركات العابرة للقارات في المجالات النفطية، ولها تاريخ غير نزيه في التعامل مع الدول التي تعمل في أراضيها في هذا المجال، كما أنها تتدخل في أنظمة الحكم وشراء الولاءات وتهيئة المناخ السياسي الفاسد لضمان استمرار استغلالها لثروات هذه البلدان، كما أنها تفرض شروطاً في مناطق عملها على الحكام والأنظمة تفقد الشعوب ثرواتهم لصالح تنامي إمبراطوريتها في السوق العالمية للنفط والغاز.