دلالات تقرير ستراتفور الاستخباري عن صواريخ الحوثيين “الهدف السعودية”
المساء برس – خاص/ نشر موقع ستراتفور الاستخباري الأمريكي تقريراً قال فيه إن الحوثيين وصالح في اليمن يشكلون تهديداً باستخدام الصواريخ الباليستية التي يمتلكونها.
وقال التقرير الذي نُشر بعنوان “الصواريخ تبقى سلاح الحوثي القوية” إن المهندسين اليمنيين استطاعوا تعديل الصواريخ التي يمتلكونها ويستفيدون من مخزونات هذه الصواريخ لتعزيز قدراتهم، مضيفاً بأن المعلومات التي تم الحصول عليها تؤكد بأن “الحوثيين وصالح” لم يتمكنوا من تصنيع صواريخ وأن ما يستخدم حالياً هي المخزونات الموجودة من قبل ومن الإمدادات الخارجية.
وأورد تقرير ستراتفور فقرة في غاية الأهمية “وعلى الرغم من الجهود العسكرية التي بذلتها قوات التحالف بقيادة السعودية، والمدعومة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضدهم، لا يزال الحوثيون والموالون لصالح يستخدمون الصواريخ البالستية، كما أنهم يدعون حتى بأنهم قاموا بتحسين قدرات تلك الصواريخ. ويمكن لهذا التطور، الذي يتم بدعم خارجي محتمل، أن يشكل خطوة نحو قدرات تنمية الصواريخ المحلية”.
ويعتبر مراقبون وسياسيون إن الهدف من تقرير الموقع الاستخباري الأمريكي يأخذ احتمالين رئيسيين: الأول: أن واشنطن أرادت أن تلمح للرياض بأن حركة “أنصار الله” وحلفاءهم من المؤتمر لا يزالون يشكلون خطراً على السعودية طالما بقيت الصواريخ في أيديهم، وبالتالي تريد واشنطن إيصال رسالة مفادها أن أي حل توافقي مع صنعاء لن ينهي الخطر الذي يهدد المملكة، وبالنظر إلى ما تم تسريبه خلال الأيام القليلة الماضية من بوادر تسوية سياسية مع صنعاء يكون فيها الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح طرفاً، ليس في مصلحة السعودية.
أما الاحتمال الثاني فهو – حسب المراقبين – يمكن أن يستشف مما أورده التقرير في الفقرة أعلاه “كما أنهم يدعون حتى بأنهم قاموا بتحسين قدرات تلك الصواريخ، ويمكن لهذا التطور أن يشكل خطوة نحو قدرات تنمية الصواريخ المحلية”، ما يعني أن واشنطن تتخوف من تطور قدرات الجيش اليمني وتمكنه من صناعة صواريخ محلية متطورة، وهنا يرى المراقبون أن الهدف من هذا التحذير موجهة إلى السعودية وحلفاءها في المنطقة بضرورة الإسراع لإيجاد حل ينهي الحرب في اليمن ويوقف القوى المسيطرة في صنعاء من تطوير قدراتها العسكرية خاصة المنظومة الصاروخية.
وأياً كان الاحتمال الأنسب الذي يفسر نشر تقرير استخباري كهذا، فإن المخاوف من تعاظم قوة “أنصار الله” و”صالح” أو بمعنى آخر القوى المناهضة للسياسة الغربية في المنطقة، بات أمراً مقلقاً بالنسبة لواشنطن التي أرادت إضعاف القوة العسكرية للجيش اليمني قبل الحرب وفشلت في تحقيق هدفها بل إنها دفعت بالعقول اليمنية إلى الاتجاه نحو الصناعات الحربية.
ومن اللافت أن السياسة الأمريكية في المنطقة، وهي سياسة هجومية “إما بشكل مباشر أو عبر حلفاءها في المنطقة” ضد مناوئيها أو ضد الدول التي تسعى واشنطن لإضعافها – كونها تهدد نفوذها وهيمنتها على المنطقة – هذه السياسة فشلت فشلاً ذريعاً بدءاً بحرب العراق وليس انتهاءً بحرب اليمن التي أوشكت أن تكمل العامين ونصف.
في العراق حاولت أمريكا أن تقضي على الجيش العراقي فتدخلت بشكل مباشر عام 2003م فاختفى الجيش العراقي ولم يواجه قوات الاحتلال وتولت الجماعات المسلحة المناهضة للتواجد الأمريكي عمليات القتال وتنفيذ العمليات العسكرية ضد قوات واشنطن، ثم جاءت داعش وبدلاً من أن تنهك الجيش العراقي وتضعفه وتستنزفه كانت النتيجة عكسية حيث باتت القدرات القتالية وإدارة العمليات الحربية للجيش العراقي أكثر قوة وتدريباً.
وفي سوريا ظلت قوة الجيش العربي السوري هاجساً يؤرق واشنطن وحين حاولت إضعافه والقضاء عليه عبر تغذية حرب أهلية داخل سوريا واصطدامها بالجيش السوري ثم إنشاء تنظيم الدولة “داعش” الذي كان الهدف منه استنزاف قوة سوريا العسكرية، كل ذلك انعكس سلباً على النتائج التي كانت منتظرة بالنسبة لواشنطن وفرنسا وبريطانيا وبدلاً من أن يضعف الجيش السوري بات أكثر قوة من قبل واكتسب خبرات عسكرية وقتالية لم تكن موجودة لديه من قبل.
في اليمن بدلاً من أن تعمل الحرب على إنهاء الجيش اليمني بالكامل والقضاء على ترسانته العسكرية التي يعد جزء منها إرثاً من “الاتحاد السوفيتي” والتي كانت موجودة في الجنوب بدلاً من ذلك كله بات الجيش اليمني وخصوصاً “الموالي لأنصار الله وصالح” – وهو معظمه – أكبر قوة عسكرية في الجزيرة العربية كونه صمد أمام دول التحالف بكل ما تمتلكه من ترسانة عسكرية متطورة ودعم لوجستي واستخباري، وأكثر من ذلك أن حركة أنصار الله المناهضة للسياسة الأمريكية في المنطقة عملت على إضافة نوعية في الجيش اليمني وهي الصناعة العسكرية المتمثلة بالصواريخ الباليستية التي بلغ مداها مئات الكيلو مترات بل إن واحد منها استهدف العاصمة السعودية الرياض، ورغم عدم إعلان السعودية ذلك إلا أن تقارير مراكز الدراسات الأمريكية التابعة لمخابراتها تذكر في كل مرة تتناول فيها الأوضاع في المنطقة أن قوى تحالف صنعاء باتت قدراتها العسكرية تهدد عواصم حلفاء أمريكا في الجزيرة العربية.