الأقمار الصناعية تلتقط صورا لقاعدة عسكرية اماراتية في باب المندب
المساء برس – متابعات/ استعادت قوات التحالف العربي جزيرة «ميون» أو «بريم» من قبضة قوات الحوثيين في أكتوبر/تشرين الأول 2015، قبل أن تشرع القوات الإماراتية سريعاً في بناء قاعدة عسكرية فيها، ضمن جهودها لتعزيز سيطرتها على مضيق باب المندب، الممر البحري ذو الأهمية الاستراتيجية العالمية.
عمليات إنشاء القاعدة الإماراتية في تلك الجزيرة، التي تبلغ مساحتها 13 كم مربع، كشفت عنها، مؤخراً، عدة مصادر، بينها مؤسسة الأبحاث العسكرية «جاينز»، التي نشرت تقريرا، في فبراير/شباط الماضي، أرفقته بصور التقطتها أقمار اصطناعية توضح أعمال جارية لتشييد مدرج مطار في الجزيرة بطول 3200 متر.
وأوضحت المؤسسة أن الإمارات تبني هذه القاعدة لدعم عملياتها العسكرية في جنوب اليمن، والمساعدة في تأمين مضيق باب المندب.
أيضاً، أثار «مجلس النواب» المنعقد في صنعاء (الذي يسيطر عليه الحوثيين)، الأمر ذاته في مارس/آذار الماضي. إذ تحدث المجلس، عبر بيان، عن اتفاق بين الولايات المتحدة والإمارات لإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة «ميون»، وهي جزيرة بركانية تبعد 3.2 كم من الشاطئ اليمني.
واستنكر البيان «أي اتفاق ينتقص من سيادة اليمن في أي مكان من أراضي الجمهورية اليمنية والجزر التابعة لها».
واليوم الجمعة، جدد مصدر يمني مسؤول التحذير من الخطوة ذاتها، عبر تقرير نشره موقع «عربي 21» الإلكتروني.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن بناء القاعدة في يتم دون علم حكومة الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي»، الذي تشهد العلاقات بينه وبين أبوظبي توترات شديدة.
الإمارات وموانئ اليمن
وباتت التحركات الإماراتية في الجزر والسواحل اليمنية، محل جدل واسع، وسط ارتفاع التحذيرات من أن تستغل مشاركتها ضمن التحالف العربي، الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق «علي عبدالله صالح»، للسيطرة عليها.
ووفق ما أفاد به مراقبون لـ«الخليج الجديد»، فإن الأطماع الإماراتية لا تتوقف عند جزيرة «ميون»، بل تشمل عددا من المواقع الاستراتيجية في الساحل اليمني، ولعل أبرزها تحركاتها في جزيرة «سقطرى»، وموانئ عدن (جنوبا) والمكلا (شرقا) وفي «المخا» على البحر الأحمر.
إذ تعرف الإمارات جيدا أهدافها في اليمن، وفق هؤلاء المراقبين؛ فهي تريد ضمان بقاء ثابت ومستدام للنفوذ الإماراتي على مضيق باب المندب، وتعزيز تواجدها في جزيرتي «سقطرى» و«ميون»، يحقق لها هذا الهدف، حيث تتحكم الجزيرتين في المضيق.
وهو مخطط عسكري واقتصادي واسع وشديد الجدية، ولن تساوم عليه أبوظبي، خاصة في ظل التنسيق الواضح مع مصر والضوء الأخضر الأمريكي، حسب المراقبين.
وللمضي قدماً في هذا المخطط، تسعى الإمارات إلى ضمان أن أية سلطة مستقبلية في الجنوب ستكون موالية لها؛ ولذلك تعمل على حرمان حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، من أي وجود دور مستقبلي مؤثر في اليمن، وخاصة في الجنوب.
وتتطلب خطوة السيطرة على المضيق العمل على جانبه الآخر من ناحية القرن الأفريقي، وفي هذا الصدد يمضي المخطط الإماراتي بثبات وبتنسيق كامل مع مصر والولايات المتحدة ممثلا في قواعدها اللوجيستية والعسكرية في إريتريا والصومال.
وفي هذا السياق، وفق المراقبين، يجب الإشارة إلى أن الإمارات تضع القرصنة البحرية ضمن التهديدات المحتملة لأمن البلاد، وهو أحد أسباب حرص الإمارات على أمن باب المندب، بالإضافة إلى طموح أبوظبي في بناء نفوذ إقليمي، يفوق في حقيقة الأمر قدراتها الجيوسياسية، مستغلة غفلة وارتباك السعودية، وضعف قدرات مصر حاليا على بناء نفوذ مستقل.
أيضاً، يأتي السعي الإماراتي لتعزيز نفوذها في اليمن، وخاصة في باب المندب، ضمن جهودها مواجهة النفوذ الإيراني ومنع أن يتحول اليمن لقاعدة خلفية لإيران تهدد أمن الإمارات، وحتى تحرم أبوظبي طهران من أي نفوذ على باب المندب.
ومما يساعد الإمارات على التحرك بأريحية في اليمن الضوء الأخضر الأمريكي، التي حصلت عليه بعد وصول «دونالد ترامب» إلى الحكم في يناير/كانون الأول 2017؛ فالأخير يتشارك مع قيادات الإمارات في العداء الشديد لجماعات الإسلام السياسي، وخاصةً جماعة «الإخوان المسلمين»، وكلاهما يضع صوب عينيه القضاء على تنظيم «القاعدة» باليمن، باعتباره تهديداً مباشراً لهما.
أيضا، من صالح أمريكا استمرار الصراع في اليمن لفترة أطول؛ فوقود الحرب هو السلاح، والسلاح بالضرورة من أمريكا، الذي تعد مبيعاته أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الأمريكي.
وأخيراً، فإن تواجد الإمارات في تلك المنطقة الهامة، يفيد «إسرائيل»، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع أبوظبي؛ حيث تريد تل أبيب أن يبقى باب المندب بعيداً عن سيطرة أياً من أعدائها وخاصة طهران، وحلفائها الحوثيين.
الخليج الجديد