منظمة أمريكية : دولتان وراء كارثة إنسانية في اليمن
المساء برس : ترجمة موقع الخبر اليمني
قالت منظمة الحقيقة الأمريكية ((TRUTH-OUT.ORG أن الولايات البنتاغون الأمريكي كان المحرك الأساسي في دعم الاستراتيجية السعودية لتجويع اليمن.
وأكدت المنظمة في تقرير نشره المسؤول في المنظمة جاريت بورتر* وترجمه موقع الخبر اليمني أن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا حاسما في تمكين الاستراتيجية السعودية المسؤولة عن الكارثة الإنسانية المحتملة في اليمن مشيرا إلى أن إدارتي أوباما وترامب تقف مع السعوديين وحلفائهم الخليجيين في تهديد حياة الملايين من اليمنيين.
وقال بورتر : لقد اتبع الائتلاف السعودي استراتيجية حرب لزياد الضغط على المقاومة الحوثية وذلك بتدمير البنية التحتية الزراعية والصحية ووسائل النقل، والخنق عن الوصول إلى الغذاء والوقود لمعظم سكان اليمن. وقد مكنت الولايات المتحدة السعوديين من متابعة هذه الاستراتيجية عن طريق تزويد طائرات التحالف التي تقودها السعودية بالقصف على اليمن وبيع القنابل.
ولم تكتف الولايات المتحدة بذلك بحسب ما يقول بورتر بل وفرت على نفس القدر الغطاء السياسي والدبلوماسي الذي يحتاجه السعوديون لتنفيذ استراتيجيتهم الإجرامية في فضيحة دولية هائلة.
ويشير بورتر إلى أن إدارة ترامب قد ذهبت أبعد من ذلك في دعم الاستراتيجية السعودية للهجوم على ميناء الحديدة وعلاوة على ذلك، وصف قائد القيادة المركزية الجنرال جوزيف فوتيل اليمن ب “المصلحة الحيوية” للولايات المتحدة،
وكشفت المنظمة الأمريكية أن مشروع قرار 2216كان يشترط عدم مساس العمليات العسكرية بالمصالح الإنسانية لليمنيين غير أن السعوديون وأعضاء التحالف الآخرون ب وتم إسقاطها من النص النهائي.
وأضافت: كشف التحالف السعودي بسرعة عن جوهر استراتيجيته في اليمن: فرض مشقة شديدة على السكان في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون. وشملت الاستراتيجية ليس فقط غارات القصف التي استهدفت البنية التحتية الهشة في اليمن للنقل والإنتاج الغذائي والرعاية الطبية، ولكن الحصار البحري، ظاهريا لمنع أي أسلحة من الوصول إلى اليمن، ولكن أيضا تهدف بوضوح للحد بشكل كبير من وصول المواد الغذائية والوقود إلى سكون.
وينقل جاريت بورتر تقريرا لمستشار السياسة الإنسانية في منظمة أوكسفام سكوت بول أمام لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان أكد فيه أن التحالف الذي تقوده السعودية في حجب أو تأجيل الإذن للسفن التجارية والإنسانية الكبرى في مرسى اليمن . وقد وافق التحالف على الموافقة على تسليم هذه الشحنات لمدة أسابيع، وكثيرا ما أفسد الطعام.
وقال بول أمام اللجنة ان التحالف “خلق حصارا بحكم الامر الواقع ” الذي يمنع الغذاء والوقود والادوية من الوصول الى السكان “من خلال اقامة نظام تعسفي ومرهق”.
وكانت ذروة استراتيجية الحصار سلسلة من الغارات الجوية في 17 أغسطس / آب 2015، والتي دمرت جميع الرافعات المستخدمة لتفريغ سفن الحاويات في ميناء الحديدة الرئيسي، الميناء الوحيد في اليمن القادر على استقبال هذه السفن. كما دمرت الضربات مستودع برنامج الأغذية العالمي بأكمله في أحد المراسي ، ومستودع سلطة الموانئ، ومبنى مراقبة الموانئ، ومبنى الجمارك.
وأضاف: بحلول شباط / فبراير 2016، كانت الأزمة الإنسانية في اليمن نتيجة الحصار السعودي أسوأ بالفعل من سوريا. وعقد مجلس الأمن الدولي سلسلة من الاجتماعات حول وصول المساعدات الإنسانية إلى كل من سوريا واليمن، واتفق أعضاء المجلس على أن القرارات يجب أن تضمن وصول المساعدات الإنسانية والقدرة على الحصول على الغذاء وغيره من المساعدات الإنسانية. ولكن مرة أخرى، بعد تدخل السعوديين مع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لمعارضة مثل هذا القرار بشأن اليمن، تم إسقاط الفكرة.
وقال بورتر:
في منتصف عام 2016 بدأ السعوديون وحكومة هادي التخطيط لشكل أكثر حدة من الضغط على السكان في الشمال وقضوا على آخر حاجز مؤسسي للمجاعة، البنك المركزي اليمني.
وكان البنك المركزي اليمني، الذي يقع في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سلطة الحوثيين، يلعب دورا رئيسيا في توفير الحد الأدنى من السيولة في المجتمع. وكانت تدفع الرواتب الشهرية ل 1.22 مليون شخص على الرواتب الحكومية، والغالبية العظمى من الذين ما زالوا موالين للرئيس هادي الحوثيين مع السعودية وتحالفها جنبا إلى جنب. كما أنها تمول الشحنات التجارية من المواد الغذائية والوقود التي كانت تصل إلى الحديدة والموانئ الأخرى.
وقد أدركت المؤسسات المالية الدولية، بدعم من الحكومات الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، الدور الحاسم للبنك المركزي اليمني باعتباره “هدنة اقتصادية” بين الأطراف اليمنية المتحاربة التي كان من الضروري عليها تجنب كارثة إنسانية كاملة. لكن رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر من الحكومة السعودية المدعومة في عدن انتقد في مطلع تموز / يوليو “الهدنة الاقتصادية” ما أشار في خطابه إلى نيته في وضع حد لها.
وفي 66 أغسطس / آب اتهم بن دغر البنك المركزي اليمني باستخدام أمواله لتمويل حرب الحوثي وصالح، ودعا المصارف والمؤسسات المالية التي تحتفظ باحتياطيات أجنبية كبيرة من اليمن إلى قطع العلاقات مع البنك المركزي اليمني.
وكتب حاكم البنك محمد عوض بن همام، التكنوقراط الذي يحظى باحترام كبير، رسالة إلى الرئيس هادي ينفي فيها التهمة واقترح أن يرسل صندوق النقد الدولي شركة محاسبية ذات سمعة جيدة للتحقق من إدارة موظفيه لحسابات البنك. وفي مؤتمر صحفي عقد في 11 سبتمبر / أيلول، أيد المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس اقتراح بن همام: وأكد أن البنك المركزي اليمني قام “بدور حاسم في تسهيل المستويات الدنيا لاستيراد المواد الغذائية الأساسية والوقود والأدوية” خلال ال 16 شهرا الماضية وساعد في “تجنب أزمة انسانية شاملة”.
لكن حكومة هادي بدأت في منتصف أيلول / سبتمبر في خطتها لتسمية محافظ جديد للبنك المركزي ونقل البنك إلى عدن، الخاضع لسيطرة التحالف السعودي. وانتقد دبلوماسي غربي لم يكشف عن اسمه لرويترز هذه القرارات ووصفها بالهادفة إلى عسكرة الاقتصاد من خلال منع البنك المركزي من الحصول على الأموال في الخارج”.
وقد وعدت حكومة هادي بأن يواصل البنك المركزي اليمني المنقول الحفاظ على دور البنك في توفير السيولة وتمويل الواردات. وفي الواقع، لم يتم الدفع لأي من موظفي الخدمة المدنية اليمنيين منذ أن توقف البنك المركزي في صنعاء، مما زاد من عدد اليمنيين الذين لم يعد بإمكانهم شراء الطعام.
وذكر مستشار الشؤون الإنسانية في منظمة أوكسفام سكوت بول في مقابلة أن مسؤولين في إدارة أوباما أخبروه بأنهم أبلغوا السعوديين أنهم لا يوافقون على قرار حكومة هادي. بيد ان الادارة قالت شيئا عن التحرك علنا، مما يشير الى انها قررت قبول هذه الخطوة.
كان أوباما غير راغب في تجاوز السياسة السعودية بسبب التزام إدارته الثابت بالتحالف مع المملكة العربية السعودية وحلفائها العرب الخليجيين. وفي شهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في 9 مارس / آذار 2017م، أشار نائب وزير الخارجية السابق لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل دافنا راند إلى أن سياسة الإدارة تجاه اليمن تعكس “الدعم غير المشروط للتحالف”.
ان “الولاء العميق” يعكس في المقام الأول المصلحة الاميركية الكبرى في العلاقات العسكرية مع السعوديين وحلفائهم الخليجيين.
ويسيطر السعوديون والقطريون على القواعد الأمريكية الكبرى في العالم العربي، مثل القاعدة البحرية في البحرين – وهي دولة تابعة للسعودية – والقواعد الجوية والأرضية في قطر. وعلاوة على ذلك، كان التحالف الذي تقوده السعودية قد استحوذ على 1300 مليار دولار في مبيعات الأسلحة الأمريكية خلال إدارة أوباما وحدها، مما ولد عائدات أجنبية هامة للتجار الرئيسيين للأسلحة ووظائف مستقبلية أكثر ربحا لكبار ضباط الجيش.
لذلك يجب ألا يكون مفاجئا أن البنتاغون كان المحرك الرئيسي للسياسة الأمريكية المتمثلة في دعم الاستراتيجية السعودية للمجاعة.
في أغسطس / آب 2016م، قصف السعوديون جسرا وضعته إدارة أوباما على قائمة الأهداف التي لم يتم ضربها، لأنه كان حاسما في نقل السلع الإنسانية إلى المراكز السكانية في شمال اليمن. لكن الإدارة لم تفعل شيئا ردا على ذلك.
والواقع أن البنتاغون أعلن صراحة عدم اهتمامه بالسعي لإيقاف السعوديين وحلفائهم الخليجيين عن مواصلة ارتكاب الجرائم في اليمن. وقال متحدث باسم القيادة المركزية لصحافي صمويل أوكفورد إن الولايات المتحدة تزود بالوقود طائرات التحالف دون اعتبار للهدف أو ما إذا كان قد تم فحصها، وأنه إذا قرر السعوديون المزيد من أهداف القصف، فإن القيادة تزود بالوقود.
وتتقاسم الولايات المتحدة مسؤولية التحالف الذي تقوده السعودية من أجل وفاة اليمنيين من المجاعة التي ستنجم عن استراتيجية الحرب السعودية، بسبب اعتماد التحالف على الدعم اللوجستي والسياسي والدبلوماسي الأميركي. لكن البنتاغون والقيادة المركزية يعملان بالفعل على تحويل الانتباه عن هذا الذنب المشترك من خلال تركيز اهتمام وسائل الإعلام على ما يدعون أنه تهديد جديد من إيران. وستكون النتيجة مضاعفة ذنب الولايات المتحدة بسبب المجاعة الجماعية في اليمن.
*غاريث بورتر هو صحفي مستقل في مجال التحقيق ومؤرخ يكتب في سياسة الأمن القومي الأمريكي. وقد نشر كتابه الأخير “الأزمة المصنعة: القصة غير المعلنة من الذعر النووي الإيراني” في فبراير / شباط 2014.