رويترز : الإمارات تتورط في مستنقع الأزمة اليمنية
المساء برس – متابعة خاصة/ يقول تقرير أخير لوكالة رويترز إن الإمارات باتت مرشّحة للتورط أكثر في مستنقع الأزمة اليمنية، وتعرّضت مساعيها الرامية لبناء جيش يدين لها بالولاء لانتكاسات، ولم يشفع لها نجاحها في تحرير مدينة المكلا من قبضة تنظيم «القاعدة» قبل أكثر من عام.
ويضيف التقرير الذي تناول الدور الإماراتي في اليمن والتحديات التي تواجهها إن احتمالات تورط الإمارات في اليمن بشكل أكبر هو بقاء نموذج جيش «النخبة الحضرمي»، الذي أنشئ بدعم وتخطيط إماراتي، محصوراً في نطاق مديريات ساحل حضرموت، وعاجزاً عن التمدد باتجاه مديريات الوادي الذي تسيطر عليه ألوية عسكرية ضخمة معظم عناصرها من خارج حضرموت، وترفض قياداتها على ما يبدو أن تكون أداة طيعة في يد الإمارات.
في المقابل، حاولت شبوة الاستفادة من تجربة جيش «النخبة الحضرمي»، لكن حتى اللحظة لا توحي المؤشرات بدور فاعل لتشكيلاته في المحافظة الغنية بالنفط، والتي مازالت مناطق منها في بيحان وعسيلان تحت قبضة «أنصار الله» والقوات المتحالفة معهم.
ويرى مراقبون أن التوجهات الإماراتية، خاصة في المناطق الجنوبية، اصطدمت بالخصومات التقليدية التي تغلغلت في نسيج مجتمعات تلك المناطق على الصعيد الحزبي أو القبلي والجهوي، هذا إلى جانب تأصّل النزعات الانفصالية بين القوات والقيادات في الشطر الجنوبي الذي كان دولة مستقلة في يوم من الأيام، والقوات الموالية للرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، وغالبيتها تضم معسكرات تتحرك بإمرة نائبه علي محسن الأحمر، ولأنها «إصلاحية» التوجّه، تقف موقف العداء من الإمارات كدولة تعتبر جماعة «الأخوان المسلمين» والأحزاب المتفرعة منها جماعة «إرهابية»، و«الحراك الجنوبي» الذي يتهم قيادات «الإصلاح» بإصدار فتاوى تحلل سفك دماء أبناء دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة في حرب 94.
التخبّط الإماراتي جنوباً، جعلها تعترف بصعوبة مواصلة جهدها الحربي شمالاً بما «يعزز ما حققته من مكاسب إقليمية»، وتتذرع قيادة قوات أبوظبي في «التحالف»، بأن الهجوم الجنوبي تباطأ منذ عبر حدود محافظة تعز التي تعتبر جزء من الشمال»، معتبرة بأن «الجنوبيين لا يريدون القتال خارج حدودهم، وأن أخذهم إلى هناك يشكل تحدياً كبيراً»، هذا التحدي كلف الجنوبيين خسارة قيادات عسكرية في جبهة المخا- باب المندب، أبرزها نائب رئيس الأركان في قوات هادي، اللواء أحمد سيف اليافعي، وقائد اللواء «الثالث حزم» عمر الصبيحي، إلى جانب المئات من الجنود ما بين قتلى وجرحى.
إزاء ذلك، لم يعد أمام الإمارات، بحسب تقرير «رويترز»، إلا التركيز على الضخ الإعلامي لمشروعها في حضرموت ممثلاً «بجيش النخبة»، بعد أن قلصت تواجدها الفعلي في جبهات القتال المباشرة عقب مقتل ما لايقل عن 45 جندياً إماراتيين في قصف صاروخي على معسكر يأويهم في صافر بمحافظة مأرب في سبتمبر2015.
وتذكر «رويترز» بأن قوات «النخبة» تمكنت من استعادة مدينة المكلا وبقية مديريات الساحل بحضرموت من «القاعدة» في وقت قياسي أثر معركة خاطفة، مهّدت لها غارات طيران «التحالف»، لكن هناك من يعتقد بأن العملية برمّتها تمّت بناء على صفقة مع عناصر التنظيم، بدليل ترك قياداته تخرج من حضرموت بمواكب طويلة باتجاه شبوة أو تنسحب إلى وادي سر بحضرموت، دون تعرّضها لقصف جوي أو ملاحقة برية.
وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها تدريجياً، في المناطق «المحررة»، لاسيما المكلا، لكن بؤر التنظيم مازالت نشطة، حيث جعلت من الوادي منطلقاً لعملياتها النوعية التي بدأت تستهدف من خلالها قوات «النخبة» بالتصفية أو الاختطاف، إلى جانب تنفيذ 5 هجمات انتحارية في المكلا راح ضحيتها قرابة 40 جندياً من «النخبة»، التي مازالت تعاني من هشاشة في تركيبتها وضعف أداءها الأمني، نظراً لحداثة تأسيسها.
ويقول جنود في «النخبة» وأغلبهم ممن يتّسمون بأجساد هزيلة وقوام متوسّط، لا تتناسب مع سترتهم العسكرية، إنهم كانوا يعرفون كيفية استعمال السلاح «لكن جيش الإمارات علّمنا الانضباط العسكري وأتاح لنا وظائف».
ويعتبر التقرير أن هذه القوات الحديثة العهد، هي التي شجّعت محافظ المحافظة، اللواء أحمد بن بريك، على ما يبدو للحديث علانية عن أنه «إذا لم يحدث سلام مع الشمال سننفصل»، في موقف يتماهى مع الحماس لإحياء الدولة الجنوبية السابقة.
من جهتهم، يقرّ ضباط كبار من الإمارات بأن قواتهم درّبت أكثر من 11 ألف جندي يمني من حضرموت وحدها، و14 ألفاً من عدن وثلاث محافظات وتدفع لهم أجورهم، ومع ذلك «يصعب تحقيق الوحدة والاندماج بينهم».
وقد يبدو غريباً إقرارهم أيضاً بأهمية «الاحتفاظ بتجمعات إقليمية عندما تؤسس الكتائب»، متجاهلين حقيقة أنها قد تؤدي إلى تمزيق البلاد ككل، وإعادة استننساخ التجربة الليبية، التي يخشى أن تكون عدن محطتها الأولى بعد أن بدأت الانقسامات تتصاعد فيها بين قوات هادي والقوات المؤيدة للإنفصال، في خضم الاحتجاجات على قرار عزل محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة هاني بن بريك، وكلاهما يحظيان بدعم الإمارات.
وتنقل «رويترز» عن مراقبين أنه من غير المستبعد أن تدفع أبوظبي بهما لمواجهة هادي وحزب «الإصلاح» عسكرياً، أو أن تتخلى عنهما كما فعلت مع رئيس الوزراء السابق، خالد محفوظ بحاح.
العربي – رويترز