المدرسة الشمسية بذمار.. من شعلة التنوير الى محراب السياسية
المساء برس – خاص/ منذ تأسيسها حتى بداية ثمانينيات القرن الماضي, مثلت المدرسة الشمسية بمدينة ذمار واحدة من الحواضن الدينية والتربوية وشعلة التنوير المعرفي للكثير من النخب اليمنية, وعلى مدى تاريخها قدمت المئات من الشخصيات التي حفرت اسمها في مجلدات التاريخ لما قدمته للعقل والدين الاسلامي والوجدان الانساني, لنقول ان الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني هو احد طلاب المدرسة, الى جانب كم هائل من الاعلام في مجال السياسية والفكر والثقافة والادب والتأليف والوعظ الديني وغيرها.
المدرسة الشمسة بناها” الإمام الفاضل شرف الدين بن يحيى بن شمس الدين ” المتوفى في 965هـ في منتصف القرن العاشر, كجامع للصلاة والعبادة, وقد أكمل بناء المدرسة الشمسية ” الإمام شمس الذين بن شرف الدين بن يحيى بن شمس الدين ” وسميت باسمه إكراما له واعترافا بفضلة في بنائها وتشييدها, وقد أدخلت عليها من التعديلات والإصلاحات أهمها تلك التي قام بها الوالي العثماني ” محمد علي باشا ” سنة 1155هـ ببناء المطاهير والقباب والبرك.
ومنذ بنائها كانت هذه المدرسة أشبه ما تكون كجامعة علمية تدرس فيها علوم القرآن، القفه، والحديث، واللغة, على يد كبار العلماء في اليمن, اليوم لم تعد كما كانت, فقد انهكتها السياسية, بالإضافة, ان “الماطهير ” تم استبدالها بالحمامات, والقباب باتت مهملة, والبرك لم تعد تستخدم, ومنازل العلماء والتي كانت تسمى ” منزلة” تهدم اجز كبيره منها, وبات الذي يقطن فيها الان العشرات من المكفوفين الذي يقتاتون على ما تجود به ايادي الخيرين مقابل قراءة القران الكريم.
“محراب السياسية”
ابعدت المدرسة الشمسية عن دورها الحقيقي لتصل الى محرب السياسية وينتهج روادها دين السياسية بعيداً عن التسامح والتعايش والتوافق وخدمة المجتمع, فقد حولها قادة المؤتمر الشعبي العام ابان سطوة حزب المؤتمر الى منبر يمجد الحاكم ويعلي من مكانته, وتحول منبرها الى منبر سلطة.
كما اقصي المئات من العلماء المعروفين بالتوسطية والاعتدال من المدرسة- المسجد- وخلت من دورها ليقتصر دورها في مزيد من التعبئة للسلطات, في وقت التزم الكثير من العلماء منازلهم.
ولدى حرب صيف 1994م, بين شمال اليمن وجنوبه, دفعت المدرسة الشمسية باعتبارها واحدة من اقدم المدارس الزيدية في اليمن, بخطابها الديني ضد الحزب الاشتراكي اليمني, لتنال الخطب والمحاضرات من الحزب وقادته وتأجج الناس ضده, حتى انتصر الرئيس الاسبق علي عبدالله صالح في 7 يوليو من ذات العام.
وخلال الفترة التي تلت الحرب, سعى حزب الاصلاح الى تثبيت اركانه في المدرسة ومن اجل ذلك حدثت الكثير من المشاكل والتي وصل بعضها الى الضرب بين مريدي الزيدية وانصار حزب الاصلاح الذين يرون في ” الوهابية” المنافس الاقوى لحضور الزيدية كمذهب في المناطق الشمالية والوسطى.
استطاع حزب الاصلاح ان يهين بخطابة الجديد على خط المدرسة الشمسية, ليبتعد اغلب علماء المذهب الزيدي الى منازلهم ويكتفوا بالتدريس فيها, واستعان حزب الاصلاح في سبيل تحقيق هذا الانتصار الى علاقاته الوطيدة بالسلطة كونه ما يزال شريكا فيها, وتنامي الحضور الشعبي للمذهب “الوهابي”.
خلال الحروب ست في صعده, انتهى الحضور الزيدي في المدرسة الشمسية وباتت علاقة مريدي الزيدية في ذمار سطحية بالمكان, خاصة بعد اعتقال بعض الشخصيات الزيدية في المدينة اتهمت يومها بعلاقتها بالحروب في صعده.
ويعود الحضور الزيدي في المدرسة الشمسية, وعبارة” حيا على خير العمل” تعلوا مأذنة المسجد/ المدرسة من جديد بعد سنوات طويلة من الغائها من قبل ارباب السياسية في ذمار, مع دخول جماعة الحوثي- انصار الله- على خط السيطرة على مفاصل السلطة, لينقلب الخطاب الديني في المدرسة الى مؤيد لخطوات الحوثيين – انصار الله-.
وخلال الاشهر السابقة, بعثت جماعة الحوثي – انصار الله- بعض العادات والتقليد المرتبة دينيا بالمذهب الزيدي الى الحياة من جديد بعد سنوات من اندثارها, لتقام فعاليات المولد النبوي وذكرى عيد الغدير وذكرى مولد فاطمة الزهراء.