“شرعب” على خارطة الحرب في تعز
المساء برس – متابعات/ عامان على اندلاع حرب مستعرة في كل مديريات تعز، إذا ما عدنا إلى تاريخها نجد أن شرارتها كانت عند أطراف حدودها الشمالية الغربية، المسماة بمنطقة شرعب، تلك المنطقة التي تصدر أبناؤها واجهة ما سمي بـ«المقاومة الشعبية» آنذاك.
دخلت كل مديريات وعزل وقرى تعز في دوامة حرب أكلت الأخضر واليابس، عدا شرعب التي أشعلت الشرارة الأولى، لتظل بعيدة عن الحرب. معادلة تضعنا اليوم أمام مفارقة تدفع للتساؤل: لماذا بقيت شرعب بكل مديرياتها بعيدة عن محور الصراع؟ وهل مستجدات الأحداث الأخيرة في سوق الحرية، تشير إلى أن جبهة شرعب فُتحت رسمياً؟
ثمة من يجيب بأن شرعب ظلت بعيدة عن الحرب بسبب موقعها الجغرافي، في حين يذهب البعض إلى تبني مقولة أن شرعب التي أشعلت الحرب في كل مديريات تعز ستكتوي بنارها ولو بعد حين! لن نذهب نحو استعراض سيناريوهات افتراضية هنا، إلا أننا سنحاول استعراض جزئية واحدة للإجابة على سؤال واحد في قاموس حرب المدينة، وهو: هل ستكتوي شرعب بنار الحرب أم أنه لا زال بإمكان عقلاء شرعب تجنبها؟
القاضي محمد الجبري، أكد في حديث إلى «العربي» أن «شرعب ليس فيها أي مواقع حيوية أو معسكرات، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي البعيد عن مناطق الصراع، المحاددة لعدن أو الشريط الساحلي، الأمر الذي جعل شرعب بعيدة عن الحرب، بالرغم من أن أبناءها يقاتلون في صفوف الطرفين».
وأوضح أن «أبناء مديريتي شرعب الرونة والسلام، بمشائخها وأعيانها وأحزابها وشبابها وشيبها، وقعوا وثيقة حماة شرعب منذ بداية الحرب، تعاهدوا فيها على التصدي ومنع كل ما من شأنه الإضرار بأمنها أو توريط أبنائها في أي عمل من أعمال الحرب أو الانحياز لأي من أطراف النزاع المسلح، تجنباً لسفك الدماء واستدعاء الثارات والجراحات التي عانت منها المديرية في دورات الصراع المسلح في الفترات السابقة».
وكشف الجبري عن أن «هناك اليوم من أبناء شرعب من يعمل على إدخال شرعب في الحرب، من خلال تحشيد وتجنيد وتسليح لطرفي الحرب، وهذا ما سيقود حتماً إلى الصراع، وهو ما نرفضه جملةً وتفصيلاً».
“نار تحت الرماد”
على الرغم من أن المنطقة كانت خارج حساب المتحاربين منذ بداية الحرب في تعز، فإن هناك من يخطط لفتح جبهة شرعب.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«العربي» أن «عدداً من الوجاهات الاجتماعية والقبلية، مثل رزاز الكامل، مدير أمن مديرية شرعب السلام، والقرشي، عضو مجلس النواب عن المؤتمر الشعبي العام في مديرية شرعب الرونة، والقيادي الإصلاحي، الشيخ عبد الباسط محمد عبد العزيز، من أهالي الأمجود في مديرية شرعب السلام، أعلنوا انضمامهم لجماعة أنصار الله، وتم عقد عدة لقاءات مع وفد الحوثي الذي كان يزور المنطقة مراراً، وتحديداً في سوق الحرية، وكان آخر لقاء تم عقده بالمنطقة بين هذه الوجهات وعبده الجندي وعدد من قيادات الحوثيين في تعز».
وكشفت المصادر أن «الشيخ عبد الباسط تعهد للجندي أن يكون عوناً لهم، وأن يسهل ويرتب للحوثيين دخول المنطقة، مؤكداً له في الوقت ذاته أنه سيكون يدهم في السوق والمديرية».
وأوضحت المصادر أن «جماعة عبد الباسط، الموالية لجماعة أنصار الله، سلحت عدداً من الشباب ونشرت النقاط في السوق وعلى طول الطرق المؤدية من وإلى السوق، وتوسعت الجماعة أكثر، وهو ما دفع قيادات موالية للمقاومة الشعبية لدعم أحد قياداتها في المنطقة، وهو الشيخ محمد الكوري، الذي قام مؤخراً بإطلاق وابل من الرصاص على مسلحي عبد الباسط، في السوق والمنازل المحيطة به، وبالأخص منزل فرحان علي، حيث كان ينام وفد الحوثي».
اليوم، ومع اشتداد المعارك في الساحل الغربي لتعز، وتقدم قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي و«المقاومة الجنوبية» مسنودة بقوات «التحالف العربي»، والقوات الإمارتية على وجه الخصوص، نحو معسكر «خالد بن الوليد»، بالتزامن مع إعلان معركة الحديدة، تزايدت حدة المواجهات وبشكل علني في سوق الحرية، السوق الذي ظل ناراً تحت الرماد منذ اندلاع الحرب في تعز، كونه يعتبر حلقة وصل بين ثلاث مناطق متصدرة لدعم «المقاومة الشعبية»، وهي: شرعب السلام والرونة والمخلاف، كما أنه ظل طريق الإمداد الوحيد لجماعة «أنصار الله»، بين تعز والحديدة وإب، وتم تأمينه وتشكيل جماعات مسلحة فيه، عن طريق رجال ومشائخ مؤتمرية موالية للجماعة، لأنه المنفذ الوحيد الذي سيتبقى لجماعة «أنصار الله» في حال تمت السيطرة على مدينة المخا وموزع والبرح، وقطع خط الإمداد القادم من الحديدة. في حين يرى البعض أن هذا التصعيد الحاصل في سوق الحرية من قبل جماعة «أنصار الله» جاء بغرض «كسر ظهر المقاومة في معقلها الرئيسي، كي تضعف في بقية الجبهات».
وأكد الناشط السياسي، أديب الخالدي، في حديث إلى «العربي» أن «سوق الحرية الاستراتيجي، الواقع بين مديريتي شرعب الرونة والسلام، يربط بين ثلاث محافظات، هي: تعز والحديدة وإب، ومن خلال التطورات المتسارعة في المخا وتطويق قوات الشرعية لمعسكر خالد، والذي بسقوطه سيكون سقط آخر طريق لإمداد مليشيات الحوثي إلى تعز، ولن يتبقى لهم خط يمكن أن يمرروا (عبره) تعزيزاتهم إلا خط حيس سوق الحرية ومنه إلى تعز وإب، ولذلك حرصت المليشيا من وقت سابق تأمين هذا الطريق».
وأضاف: «ما حصل في سوق الحرية خلال الأيام القليلة الماضية، يعتبر بمثابة الشرارة الأولى لفتح جبهة شرعب، لأن طرفي الحرب يحشدان لبدء معركة قد لا تقل ضراوة عن أي جبهة من جبهات المدينة، إن لم تكن الأعنف».
أما الصحافي عمر الجلال، فذهب إلى القول بأن فتح جبهة شرعب هو بمثابة «كسر لظهر المقاومة التي تصدر أبناؤها واجهتها»، ويؤكد في حديث إلى «العربي» أن «ما حصل من اشتباكات مسلحة وبكافة أنواع الأسلحة قبل الأسبوع الماضي، في سوق الحرية، هو فتح جبهة شرعب رسمياً بين مجاميع تابعة للمقاومة الشعبية، وأخرى موالية للحوثيين».
ويضيف أن «شرعب هو الريف الوحيد الذي لم تصل إليه الحرب بعد أن وصلت وامتدت إلى معظم مناطق تعز، ولم يتم نقل المعركة إلى هذا السوق الاستراتيجي إلا من أجل فرض حصار على شرعب، أي بمثابة كسرة ظهر للمقاومة في معقلها الرئيسي بغرض إحداث ضعف في بقية الجبهات داخل المدينة».
العربي