تعز بين ثلاثة نيران.. الحرب والانفلات الأمني وأعضاء تنظيم القاعدة الدمويين
تزايدت تعقيدات الوضع الأمني في تعز، مع ارتفاع معدلات جرائم السلب والنهب والإغتيالات التي أصبحت ظاهرة مؤرّقة للمواطنين، بل كابوساً مرعباً جعل سكّان تعز بين نارين؛ نار الحرب، ونار الإنفلات الأمني غير المسبوق في تاريخ مدينة باتت تضيق بمقاتليها.
يبدو أن الجريمة في تعز اليوم صارت هي العلامة الفارقة في المناطق “المحررة” من المدينة، والتي يفسر البعض أن سببها “العلاقة غير الشرعية” بين المجرمين الفارين من السجن المركزي، وبعض فصائل “المقاومة”، كتنظيم القاعدة، هذه العلاقة أنتجت مجرمين بلباس مقاومة.
ثمّة عدد مهول ممّن خرجوا من السجن المركزي، من القتلة وأصحاب السوابق، عندما وصلت المواجهات إلى منطقة السجن المركزي غرب المدينة منتصف العام 2015م، بعضهم ظلّ يمارس السلب والنهب والسطو الفردي، والبعض الآخر انضوى تحت فصيل تنظيم “القاعدة”، ليتحول أولئك المجرمون إلى أصحاب لحى وسيارات مكتوب عليها كتائب “الموت” أو “الحسم” أو “النصر”… وغيرها من المسميات، وهو ما أوصل تعز حسب مراقبين إلى كارثة حقيقية تحول فيها المجرم الخطير القاتل أو السارق إلى “أمير” في مدينة تعز.
“الفروم”، ذلك المعاق الذي وجد مقتولاً ومرمياً بأحد شوراع تعز، قادنا إلى حقائق دامية وموحشة ولايعرفها إلا المعنيون بالأمر، وفي ظل تكتم وخوف شديدين أدلى البعض بشهادته سراً، منوهاً أن الأمر خطير للغاية، باعتبار المجرم شخص انضم إلى تنظيم “القاعدة” بعد فراره من السجن المركزي، هويته المفضلة التلذذ بدماء الأبرياء.
مصدر مطلع أكد في حديث إلى “العربي” أن “علي عبده سيف، قاتل الفروم، هرب من السجن المركزي بعد سنوات من السجن فيه، بسبب شهرته في تقطيع أوصال الجثث، كنزعة إجرامية لديه منذ الصغر! حيث كان يقطع القطط الحية ويتلذذ بدمها وأنينها، وكانت هوياته اليومية تقطيع أجساد الكلاب الحية، كما أنه اشتهر في حارة الضبوعة السفلى بالعبوة الناسفة حتى زُج به في السجن وارتاح أهالي المنطقة من دمويته”.
ويؤكد المصدر ذاته أنه “بعد هروبه من السجن المركزي فر إلى أحضان القاعدة هو وأحمد الحبشي الذي صار الآن أميراً يضرب له ألف سلام عند مروره بأي نقطة”.
وذكر المصدر أيضاً أنه “قبل خمسة أشهر كانت بداية خيوط جريمة له. عرف علي عبده سيف أن صديقه يملك مئة ألف ريال حتى أخذه إلى حارة الضبوعة العليا وقتله، وفي ذلك اليوم شهد على مقتل ذلك الرجل اثنان: واحد منهم هو محمد حميد الفروم، الذي قطعوا جثته، وعند بلاغ أهالي المنطقة للقسم شهد الفروم والرجل الآخر بشهادة حق، وقبل شهر قطع علي عبده سيف الشاهد الأول بنفس الطريقة، وقبل أسبوع من الآن كان دور الفروم، حيث أطلق عياره الناري على صدره وصوره وكفنه وفتح كفنه مرة أخرى وقطع أوصاله ورمى به بالسائلة”.
وفي السياق، كشف قيادي في اللجنة الأمنية، فضل عدم ذكر اسمه، في حديث إلى “العربي”، أن “العصابات المسلحة والتي تتبع تنظيم القاعدة، فرع تعز، تتنامى كل يوم بشكل مرعب، والجميع يعلم أن كل ما يحدث اليوم من اغتيالات ونهب وسطو مسلح سببه هذه العصابات الإجرامية”.
ويؤكد المصدر أن “هذه الجماعات الإرهابية وجدت بيئة خصبة للتكاثر بسبب الإنفلات الأمني الذي تعمدت عرقلتة جهتان: الأولى داخلية، وهي بعض مجاميع من المقاومة التي وجدت في الإنفلات الأمني بقرة حلوباً، من خلال السلب والنهب وفرض الإتاوات وتجارة السلاح، والجهة الثانية هي الشرعية، التي لم تنفذ ما وعدت به من دعم للجهاز الأمني”.
تزايد أفراد تنظيم “القاعدة” في تعز يرى فيه مراقبون أنه سيشكل خطورة على مستقبل المدينة، ولا يستبعد أن تقصف الطائرات الأمريكية تعز، ما لم يتم التحرك العاجل والسريع للقضاء على هذه العصابات الإرهابية.
الدكتور عبد الباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، حذّر، في حديث إلى “العربي”، من وجود جماعات متطرفة “هي الأخطر، لأنها تنفذ العمليات في مواعيد وأزمنة وهيئة تجسد واقعياً الفوبيا الغربية من التنظيمات المتطرفة، وفي نفس الوقت توفر مبرراً للتدخل المقصود للدول الكبرى في الشؤون الداخلية للبلدان”. وأبدى تخوفه من”استدعاء مماثل لما جرى في موصل العراق وحلب في سوريا”، لهذه الجماعات. وتابع بالقول: “ما يحدث في تعز تم إعداده في المطابخ الأمنية، وهذا يستوجب التدخل السريع والحازم والاستراتيجي”، محذراً من “مخاطر ذلك، حتى في المناطق الجنوبية، حيث يعتقد الجنوبيون أن استمرار الاحتراب في المناطق الشمالية، يساعد في استكمال متطلبات فك الارتباط، بينما المتوقع تشظي الحقل الوطني اليمني إلى كيانات غير متوقعة وخارج السيطرة”.
العربي