آخر تقرير اقتصادي عن أزمة المرتبات
المساء برس – متابعات
لا جديد حول أزمة رواتب موظفي الدولة سوى تبادل الإتهامات بين حكومة أحمد بن دغر في عدن، وحكومة عبد العزيز بن حبتور في صنعاء، بسبب تحميل كل طرف للآخر المسؤولية الكاملة عن تداعيات الأزمة، بينما الموظف العام يعيش أوضاعاً إنسانية ومعيشية هي الأسوأ على مدى أكثر من 50 عاماً.
مطالب بن دغر
حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، على لسان رئيسها أحمد عبيد بن دغر، أعلنت مؤخراً عجزها عن الإستمرار في صرف مرتبات العاملين في الدولة، قبل أن تصرف الرواتب التي سبق لها أن وجهت بصرفها. وطالب بن دغر صنعاء بإعادة 581 مليار ريال إلى خزينة الدولة حُصلت العام الماضي، مشيراً إلى أن هذا المبلغ يكفي لصرف رواتب الموظفين لستة أشهر. واتهم حكومة الإنقاذ في صنعاء بـ”الابتزاز السياسي والعبث بموارد الدولة”، مطالباً بتحييد الموارد المالية وتوريدها إلى البنك المركزي في عدن. وجاءت رسالة بن دغر جاءت عقب رسالة مماثلة بعثها وزير خارجة حكومة هادي، عبد الملك المخلافي، إلى المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في الرابع من مارس الجاري، طالبه فيها بالضغط على صنعاء لتحويل كافة الموارد المالية إلى البنك المركزي في عدن وفروعه، معتبراً أن صرف رواتب موظفي الدولة يتوقف على تعاون سلطات صنعاء مع البنك المركزي في عدن.
“الإنقاذ”: حكومة هادي تتهرب
لكن صنعاء بسلطتها العليا، ممثلة بـ”المجلس السياسي الأعلى” وحكومة “الإنقاذ الوطني”، اعتبرت مطالب بن دغر تهرباً مكشوفاً من الوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها أمام المجتمع الدولي بصرف رواتب موظفي الدولة. واعتبرت حكومة الإنقاذ، في بيان شديد اللهجة، مطالب حكومة بن دغر بمثابة “الإعلان الصريح بمصادرة أموال الشعب اليمني المطبوعة في روسيا، والبالغة 400 مليار، والتي لاعلاقة لها بأي إيرادات متحصلة”. واتهمت حكومة بن دغر بـ”التنصل والتهرب من دفع مرتبات موظفي الدولة، وتصوير الموضوع للمجتمع الدولي على أن هناك عراقيل من حكومة الإنقاذ”. بدوره، استهجن “المجلس السياسي الأعلى” التصريحات المنسوبة لرئيس حكومة هادي، أحمد بن دغر، حول المرتبات، معتبراً تلك التصريحات “محاولة من بن دغر لصرف أنظار الشعب عن القرصنة التي يقوم بها هو وهادي ضد الطبعة الجديدة من العملة الوطنية، في إطار الحرب الإقتصادية التي تمارس ضد الشعب اليمني”.
إعتراف بالعجز
مصدر اقتصادي مقرب من حركة “أنصار الله” أبدى استغرابه من إمعان حكومة بن دغر في الحديث عن البنك المركزي في عدن، “التي تشهد انفلاتاً أمنياً غير مسبوق”. ورأى أن حكومة هادي “لم تستطع حتى الآن استعادة الإيرادات العامة للدولة من سطو الجماعات والمليشيات التي تتقاسمها”. وطالب المصدر، في حديث إلى “العربي”، حكومة بن دغر بـ”إصدار بيان تفصيلي عن الأموال التي تم تحصيلها من المناطق الجنوبية والشرقية، والتي لا تواجه أي حصار بري وبحري وجوي، يضاف إلى ذلك أن تلك المحافظات النفطية”. وأشار إلى أن “الخزينة العامة للدولة فقدت حتى الآن ما يزيد عن 50 مليار ريال من إيرادات الجمارك، التي كانت تحصل عليها من ميناء عدن وميناء الحاويات ومنفذ الوديعة الذي تتجاوز وارداته الشهرية الـ4 مليارات ريال، بالإضافة إلى فقدان الخزينة العامة للدولة ما يزيد عن 5 مليارات ريال كانت تحصل عليها كضرائب شهرية”.
واعتبر المصدر أنه “كان أجدى بحكومة بن دغر أن تطالب السلطات المحلية في المحافظات الجنوبية بالتعامل مع البنك المركزي في عدن غير الموجود أساساً، وأن تلزم محافظ مأرب، سلطان العرادة، بتوريد إيرادات النفط والغاز إلى بنك عدن، قبل أن تطالب صنعاء بالتعامل مع البنك”. ولفت إلى أن في منشور بن دغر الموجه لحكومة الإنقاذ في صنعاء “اعترافاً صريحاً بعجز حكومته عن فرض سيطرتها على الـ85 % من مساحة البلاد التي تزعم السيطرة عليها، وتطالب سلطات ما تبقى من المساحة بإعادة أكثر من نصف تريليون ريال تم تحصيلها في ظل ظروف قاهرة”.
لغة الأرقام
تفيد إحصائيات رسمية حصل عليها “العربي” بتراجع الإيرادات العامة للدولة من 2 تريليون و206 مليار ريال يمني عام 2014، إلى تريليون و20 مليار ريال في عام 2015؛ إذ تسببت الحرب والحصار بتراجع تلك الإيرادات تريليوناً و240 مليار ريال عن العام الذي قبله، وبنسبة تراجع بلغت 53 %. ومع استمرار الحرب والحصار، استمر التدهور في الموارد العامة للدولة لتصل العام الماضي إلى 877 مليار ريال.
ووفقاً للاحصائيات، فإن النفقات العامة للأعوام الثلاثة بلغت تريليونين و551 مليار ريال، بزيادة عن الإيرادات الفعلية المحصلة بـ345 مليار ريال، وتراجعت تلك النفقات خلال العام 2015 إلى تريليون و925 مليار ريال، وبلغت النفقات العامة خلال العام 2016 تريليوناً و740 مليار ريال.
العربي – رشيد الحداد