تقرير يكشف “ما لم ينشر عن مفاوضات الكويت بوجود السفير الأمريكي باليمن” وتفاصيل حرب الاقتصاد غير المعلنة
المساء برس – خاص
على مدى الفترة الماضية من عمر العدوان أدارت أمريكا حرباً اقتصادية على الشعب اليمني، فالحرب الاقتصادية التي توعد بها السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر في أغسطس الماضي ووصفها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال مؤتمر صحفي عقده في الـ25 من أغسطس الماضي في مدينة جدة السعودية بالإجراءات القاسية، قد تحققت وفقاً لما قاله السفير الأمريكي آنذاك.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “صدى المسيرة” فإن الإدارة الأمريكية السابقة استخدمت سلاح التجويع لترهيب الشعب اليمني وابتزازه، ولوحت باستخدام تلك العقوبات أكثر من مرة.
وكشف التقرير أن السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر هدد في أغسطس الماضي أثناء لقائه بالوفد الوطني المفاوض في الكويت بتشديد الحصار الاقتصادي وإماتة الشعب اليمني جوعاً، محاولاً الحصول على تنازلات سياسية تمنح العدو نصراً كاملاً على حساب كرامة وسيادة ودماء الشعب اليمني، إلا أن الرد من قبل رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام كان قوياً ومرعباً للعدو حين رد على تهديدات السفير الأمريكي بأن الشعب اليمني مستعد أن يأكل أوراق ولحى الشجر على أن يساوم في قضيته وفي كرامة وسيادة وطنه وفي دماء شهدائه.
وبهذا الصدد قالت مصادر خاصة لـ”المساء برس” إن إحدى اللقاءات المغلقة والتي حضرها السفير الأمريكي ماثيو تولر قد ألمح فيها لوفد أنصار الله بتصعيد الإجراءات الاقتصادية ما لم يتم القبول بما كان يطرحه وفد الرياض حينها.
وقالت المصادر أيضاً أن لقاءً سابقاً ذكر فيه السفير الأمريكي بالحرف الواحد عن “نقل البنك المركزي إلى عدن، وأن شهر سبتمبر سيأتي ولن تستطيع أطراف صنعاء دفع رواتب موظفي الدولة، وأنهم سيواجهون عجزاً مالياً وانعداماً للسيولة” وأن إمكانية تفادي ذلك هو التنازل والرضوخ لمطالب السعودية المتمثل في مطالب هادي ووفده المفاوض.
وأضافت المصادر أن تهديدات السفير الأمريكي لم تزد الوفد الوطني إلا ثباتاً وصموداً ودبلوماسية في إدارة المفاوضات من ناحية ونقل صورة حقيقية لما يحدث في اليمن إلى سفراء الدول العشر من ناحية أخرى، وهو ما أكسب الوفد الوطني موقفاً قوياً استطاع أن يحشد من خلاله تعاطفاً وتفهماً من قبل المجتمع الدولي للوضع في اليمن.
وبالعودة إلى تقرير الصحيفة يستعرض التقرير المخطط الأمريكي لتدمير الاقتصاد الوطني وتجويع الشعب اليمني والذي كان واضحاً منذ الوهلة الأولى للعدوان، فبضوء أخضر أمريكي أوقف العدو كافة التحويلات المالية من وإلى اليمن وجمد كافة المساعدات الدولية وعمل على تجفيف كافة مصادر الدخل الوطني من العملة الصعبة، وذلك في مخالفة واضحة لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 المقدم من قبل العدوان والذي لم يُشر في أي من فقراته لفرض حصار بري وبحري وجوي على الشعب اليمني، ولم يمنح العدو حق تفتيش الطيران المدني وإغلاق المطارات الدولية أمام حركة سفر المواطنين.
ويشير التقرير إلى آلية التجويع التي لجأ إليها العدو كأداة حرب بعد أن فشلت ترسانته العسكرية في إحراز أي تقدم عسكري على مدى العامين.
ولفت التقرير إلى الدور الأمريكي في الحرب الاقتصادية والذي كان واضحاً منذ الوهلة الأولى للحرب الظالمة إلا أن إدارة أوباما كانت تحاول تبرير جرائمها بحق الشعب اليمني من خلال التعبير عن مخاوفها من تداعيات الحرب الإنسانية، ولكن جميع الأقنعة التي حاولت الإدارة الأمريكية في عهد أوباما أو ترامب سقطت، فالحرب الاقتصادية التي يواجهها الشعب اليمني لم تكن وفق قرار مجلس الأمن وإنما بقرارات أمريكية غير معلنة.
كما يقول التقرير أن الولايات المتحدة باشرت حربها الاقتصادية منذ ساعات العدوان الأولى عبر فرض القيود على التحويلات المالية من وإلى اليمن بمختلف أشكالها، مشيراً إلى أن تلك القيود لم تكن من قبل البنك الدولي ولا من قبل صندوق النقد الدولي وإنما من قبل وزارة الخزانة الأمريكية.
بالإضافة إلى تعطيل الموانئ البحرية والمطارات ووقف حركة تنقل المواطنين اليمنيين من الداخل والخارج والتي كانت بإرادة أمريكية.
ويضاف إلى ذلك حسب التقرير تجميد كافة أرصدة البنوك في مختلف دول العالم والذي تسبب بتراجع النشاط المصرفي للبنوك المحلية وخروج تريليون و300 مليار ريال خارج الدورة النقدية للقطاع المصرفي النظامي، مما تسبب باستمرار أزمة السيولة المالية من النقد المحلي، وعجز البنك المركزي عن القيام بمهامه في صرف مرتبات موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين.. ويؤكد التقرير أنه “وعلى الرغم من أن قرار تجميد الاحتياطات النقدية الأجنبية للبنوك اليمنية تأخر أكثر من عام ونصف من العدوان إلا أنه كان بقرار أمريكي مباشر، كون دولة العدو السعودي مجرد أداة من أدوات العدوان، يضاف إلى أن قرار نقل البنك المركزي كان قراراً إماراتياً سعودياً وبضوء أخضر أمريكي أيضاً”.
ورغم فداحة أضرار الحرب الاقتصادية التي تشنها أمريكا على الشعب اليمني، إلا أن كافة أدوات حربها الاقتصادية التي استخدمتها ضد الشعب اليمني فشلت وتسببت بارتفاع العجز العام في الموازنة العامة للدولة وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2015م بنحو (34.8%)، ويضيف التقرير أن هذا التراجع استمر خلال عام 2016 بما لا يقل عن (6 %) مما أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عامي العدوان عما كان عليه عام 2014 بما نسبته (42 %) فيما بلغ معدل التضخم لأسعار المستهلك خلال العامين (34 %) وكنتيجة للحرب الاقتصادية الشرسة التي تنفذها واشنطن انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي خلال عامي 2015، 2016م بنسبة كلية تصل إلى (60 %) وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر إلى ما يقارب (85 %) نهاية عام 2016، كما ارتفعت نسبة البطالة إلى أكثر من (52 %) من إجمالي قوة العمل، بسبب تدمير العديد من الوحدات الإنتاجية الأساسية والكبيرة وتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية في قطاع البناء والتشييد والمناجم والصناعة والزراعة.
وأضاف التقرير أن الحصار الاقتصادي ترتب عليه فقدان الاقتصاد القومي عائدات الصادرات من السلع والخدمات وبالأخص من النفط والغاز بما لا يقل عن 5 مليارات دولار سنوياً بما نسبته 45 % من عائدات الاقتصاد القومي من النقد الأجنبي المتوقعة عام 2015، مقابل ارتفاع حجم وتكلفة الواردات، بسبب الحصار واستهداف العديد من المنشئات العامة والذي تسبب بارتفاع الطلب على العملة الأجنبية ليتم استيراد سلع ومنتجات بقيمة 2.4 مليار دولار.
وكشف تقرير الصحيفة عن مخطط الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب لارتكاب أكبر جريمة في التاريخ بحق الشعب اليمني من خلال إغلاق ميناء الحديدة والذي يعد آخر الأوراق الاقتصادية التي يهدد بها الشعب اليمني “فإدارة ترامب تتعامل وفق المصالح الأمريكية مع دول الخليج باعتبار أمريكا الدولة الحامية مقابل 48 مليار دولار سنوياً من السعودية، ولذلك كل اتجاهات إدارة ترامب تشير إلى سعيها لاستكمال حلقات الحصار الاقتصادي على الشعب اليمني”.